بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{أَلَمۡ نَشۡرَحۡ لَكَ صَدۡرَكَ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الشرح وهي ثمان آيات مكية .

قوله تعالى : { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } هو معطوف على قوله { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فآوى } [ الضحى : 6 ] وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : « سَألْتُ رَبِّي مَسْأَلَةً ، وَوَددْتُ أَنِّي لَمْ أَسْألْهَا قَطُّ ، فَقُلْتُ : اتَّخَذْتَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً ، وَكَلَّمْتَ مُوسَى تَكْلِيماً . فَقَالَ الله تعالى : { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فآوى } قُلْتُ : بَلَى . قال : { وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فهدى } [ الضحى : 7 ] قُلْتُ : بَلَى . قال { وَوَجَدَكَ عَائِلاً فأغنى } [ الضحى : 8 ] قُلْتُ : بَلَى . قال { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } » الآية .

وروي عن بعض المتقدمين أنه قال : سورة التوبة والأنفال بمنزلة سورة واحدة ، وسورة ألم نشرح لك والضحى بمنزلة سورة واحدة ، وسورة لإيلاف قريش وألم تر كيف فعل ربك ، بمنزلة سورة واحدة .

قال { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } يعني : ألم نوسع قلبك بالتوحيد والإيمان ، وهذا قول مقاتل . وقال الكلبي : أتاه جبريل فشرح صدره ، حتى أبدى قلبه ، ثم جاء بدلو من ماء زمزم ، فغسله وأنقاه مما فيه ، ثم جاء بطشت من ذهب ، قد ملئ علماً وإيماناً ، فوضعه فيه .

ويقال الانشراح للعلم ، حتى علم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان مؤمناً من وقت الميثاق ، فشق صدره على جهة المثل ، فيعبر به عنه . ويقال { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } يعني : ألم نلين قلبك بقبول الوحي ، وحب الخيرات . ويقال : معناه ، ألم نطهر لك قلبك ، حتى لا يؤذيك الوسواس ، كسائر الناس . ويقال : معناه { أَلَمْ نَشْرَحْ } يعني : نوسع لك قلبك بالعلم ، كقوله { وعلمك مما لم تكن تعلم } .