محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{أَلَمۡ نَشۡرَحۡ لَكَ صَدۡرَكَ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

94- سورة الشرح

مكية ، وقيل مدنية ، وهو الأقوى عندي فإن اسقرار هذه النعم المعدودة فيها إنما كان بالمدينة المنورة كما لا يخفى ، وآيها ثمان .

{ ألم نشرح لك صدرك } ألم نوسعه بإلقاء ما يسره ويقويه وإظهار ما خفي عليه من الحكم والأحكام وتأييده وعصمته حتى علم ما لم يعلم وصار مستقر الحكمة ووعاء حقائق الأنباء ، والهمزة لإنكار النفي ، ونفي النفي إثبات ، ولذا عطف المثبت عليه ، وأصل الشرح بسط اللحم ونحوه مما فيه توسيع مستلزم لإظهار باطنه وما خفي منه . استعمل في القلب الشرح والسعة ، لأنه محل الإدراك لما يسر وضده . فجعل إدراكه لما فيه مسرة يزيل ما يحزنه شرحا وتوسيعا . وذلك لأنه بالإلهام ونحوه مما ينفس كربه ويزيل همه بظهور ما كان غائبا عنه وخفيا عليه مما فيه مسرته كما يقال ( شرح الكتاب ) إذا وضحه ، ثم استعمل في الصدر الذي هو محل القلب مبالغة فيه لأن اتساع الشيء يتبعه اتساع ظرفه ، ولذا تسمع الناس يسمون السرور بسطا ، ثم سموا ضده ضيقا وقبضا ، وهو من المجاز المتفرع على الكناية بوسائط ، وبعد الشيوع زال الخفاء وارتفعت الوسائط هذا ما حققه الشهاب .