( سورة الشرح مكية ، وآياتها 8 آيات ، نزلت بعد سورة الضحى ) .
1- هيأ الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم لتلقي الرسالة الكريمة ، وأفاض عليه من نعمه الجزيلة ، فشرح صدره بما أودع فيه من العلوم والحكم ، حتى حمل أعباء النبوة ، وجعل أمر التبليغ عليه سهلا هينا .
2- قرن الله اسم النبي صلى الله عليه وسلم باسم الله العظيم في الشهادة والأذان والإقامة والتشهد .
3- بيّن الله أن ما يصيب النبي صلى الله عليه وسلم من شدة ، سيعقبها اليسر والفرج .
4- طلب الله تعالى من نبيه الأمين صلى الله عليه وسلم إذا ما انتهى من تعليم الناس وإرشادهم ، أن يشغل نفسه بعبادة الله .
5- أمره ألا يسأل أحدا غيره ، لأنه سبحانه وتعالى هو السيد القادر وحده على إجابة دعوة العبد السائلi .
نزلت سورة الشرح بعد سورة الضحى ، وكأنها تكملة لها ، فيها مظاهر الرعاية والعناية الإلهية ، وفيها البشرى باليسر والفرج : ألم نفسح صدرك لهذه الدعوة ونيسر لك أمرها ؟
ووضعنا عنك وزرك* الذي أنقض ظهرك . أي : ووضعنا عنك عبأك الذي أثقل ظهرك حتى كاد يحطمه من ثقله ، وضعناه عنك بشرح صدرك له فخفّ وهان ، وبتيسيرك وتوفيقك للدعوة ومداخل القلوب .
ورفعنا لك ذكرك . رفعناه في الملأ الأعلى ، ورفعناه في الأرض ، ورفعناه في هذا الوجود جميعا ، ورفعناه فجعلنا اسمك مقرونا باسم الله ، كلما تحركت به الشفاه : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله .
قال مجاهد في معناه : أي لا أذكر إلا ذكرت معي .
فإن مع العسر يسرا . ومع الشدة فرجا ، ومع قلة ذات اليد السهولة والغنى ، فخذ في أسباب اليسر والتيسير ، فإذا فرغت من مهمة تبليغ الرسالة فانصب واتعب في القيام بواجبات العبادة لنا . وإلى ربك فارغب . واجعل رغبتك إليه ، ولا تسأل إلا فضله متوكلا عليه . وعلى الله فليتوكّل المؤمنون . ( التغابن : 13 ) .
( وتنتهي سورة الشرح كما انتهت سورة الضحى ، وقد تركت في النفس شعورين ممتزجين :
الشعور بعظمة الود الحبيب الجليل الذي ينسم على روح الرسول صلى الله عليه وسلم من ربه الودود الرحيم ، والشعور بالعطف على شخصه صلى الله عليه وسلم ونحن نكاد نلمس ما كان يساور قلبه الكريم ، في هذه الآونة التي اقتضت ذلك الود الجميل .
إنها الدعوة ، هذه الأمانة الثقيلة ، وهذا العبء الذي ينقض الظهر ، وهي مع هذا وهذا مشرق النور الإلهي ومهبطه ، ووصلة الفناء بالبقاء ، والعدم بالوجود )ii .
{ ألم نشرح لك صدرك 1 ووضعنا عنك وزرك 2 الذي أنقض ظهرك 3 ورفعنا لك ذكرك 4 فإنّ مع العسر يسرا 5 إنّ مع العسر يسرا 6 فإذا فرغت فانصب 7 وإلى ربك فارغب 8 }
ألم نشرح : ألم نفسح بالحكمة والنبوة ، والاستفهام للتقرير ، كأنه قيل : قد شرحنا لك صدرك .
الاستفهام هنا للتقرير ، فقد عدّد الله تعالى عليه بعض النعم في سورة الضحى ، ثم أتم تعديد النعم في سورة الشرح .
قد شرحنا صدرك ، أي وسّعناه ونورناه بالإيمان والرضا والسرور ، وإذهاب الضيق والآلام .
قال تعالى : أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه . . . ( الزمر : 22 ) .
وقد كان صلى الله عليه وسلم في ألم وحزن من تكذيب قومه لرسالته ، وإعراضهم عن دعوته .
قال تعالى : ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون* فسبّح بحمد ربك وكن من الساجدين . ( الحجر : 97 ، 98 ) .
كانوا يقولون : ساحر وكاذب ومجنون ، وكانت يد الله تمسح على صدره ، فتهون عليه ما يلقاه في سبيل الدعوة ، وتدعوه أن يذكر اسم الله في الشدة ، وأن يلجأ إليه داعيا متبتلا .
قال تعالى : فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا . ( الكهف : 6 ) .
وقال تعالى : قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذّبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون . ( الأنعام : 33 ) .
وقيل : المراد بالشرح هنا : توسيع الصدر حسيا حين كان يرضع من حليمة السعدية ، فأخذه ملكان فأضجعاه وشقا صدره ، وأخرجا منه حظ الشيطان وملآه بالإيمان .
وقد ورد ذلك في صحيح مسلم ، وفي كتب السنة أن ذلك الشرح الحسّي تكرر وعمر النبي صلى الله عليه وسلم عشرون سنة وأشهر ، كما وقع ذلك ليلة الإسراء والمعراج ، والجمهور على أن شرح الصدر هو تنويره بالحكمة ، وتوسيعه لتلقي ما يوحى إليه .
وليس هناك ما يمنع من أن يراد من شرح الصدر الشرح الحسّي ، ويكون وسيلة لتطهير قلبه وتخليصه من أي أثر للشيطان ، ويكون هذا الشرح الحسي وسيلة للشرح المعنوي ، وهو تحمّل أعباء الرسالة ، والصبر على الأداء ، واحتمال تكذيب القوم ، مع الصبر وانتظار الفرج ، وقد أشار إلى شيء من ذلك الإمام ابن كثير حيث قال :
ألم نشرح لك صدرك . يعني : شرحنا لك صدرك ، أي نوّرناه وجعلناه فسيحا رحيبا واسعا .
وقيل : المراد بقوله : لم نشرح لك صدرك . شرح صدره ليلة الإسراء ، وهذا وإن كان واقعا ، لكن لا منافاة ، فإن من جملة شرح صدره صلى الله عليه وسلم ، الذي فعل بصدره ليلة الإسراء ، ما نشأ عنه من الشرح المعنوي أيضا . اه .
إن الله جمع له بين الشرح الحسّي من جهة ، ثم أودع في صدره من الهدى والإيمان والفضائل والحكمة ما لم يعطه لأحد سواه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.