وهي ثماني آيات ، وهي مكية بلا خلاف ، عن عائشة قالت : نزلت سورة ألم نشرح بمكة ، ومثله عن ابن عباس ، وزاد بعد الضحى .
{ ألم نشرح لك صدرك } معنى شرح الصدر فتحه بإذهاب ما يصدر عن الإدراك ، والاستفهام التقريري إذا دخل على النفي قرره فصار المعنى قد شرحنا لك صدرك حتى وسع مناجاة الحق ، ودعوة الخلق ، فكان غائبا عنهم بروحه ، وحاضرا معهم بجسده الشريف .
والمعنى ألم نفسحه بما أودعنا فيه من الحكم وأزلنا عنه ضيق الجهل ، أو بما يسرنا لك من تلقي الوحي بعد ما كان يشق عليك .
قال الراغب أصل الشرح بسط اللحم ونحوه يقال شرحت اللحم وشرحته ، ومنه شرح الصدر وهو بسطه بنور إلهي وسكينته من جهة الله وروح منه وإنما خص الصدر لأنه محل أحوال النفس من العلوم والإدراكات ، وقيل لأن الصدر محل الوسوسة كما قال تعالى { يوسوس في صدور الناس } فإزالة تلك الوسوسة وإبدالها بدواعي الخير هي الشرح .
والقلب محل العقل والمعرفة وهو الذي يقصده الشيطان فيجيء أولا إلى الصدر الذي هو حصن القلب فإذا وجد مسلكا نزل فيه هو وجنده ، وبث فيه الغموم والهموم والحرص ، فيضيق القلب حينئذ ، ولا يجد للطاعة لذة ولا للإسلام حلاوة ، وإذا لم يجد له مسلكا وطرد حصل الأمن وانشرح الصدر ، وتيسر القيام بأداء العبودية .
ولم يقل نشرح صدرك تنبيها على أن منافع الرسالة عائدة عليه صلى الله عليه وآله وسلم ، كأنه يقول : إنما شرحنا صدرك لأجلك لا لأجلي ، والمراد بالامتنان عليه صلى الله عليه وآله وسلم بفتح صدره وتوسيعه حتى قام بما قام به من الدعوة وقدر على ما قدر عليه من حمل أعباء وحفظ الوحي . وقد مضى القول في هذا عند تفسير قوله { أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه } قال ابن عباس في الآية : شرح الله صدره للإسلام .
قرأ الجمهور نشرح بسكون الحاء بالجزم ، وبفتحها قرأ أبو جعفر المنصور العباسي . قال الزمخشري : قالوا : لعله بين الحاء وأشبعها في مخرجها فظن السامع أنه فتحها .
وقال ابن عطية : إن الأصل ألم نشرحن بالنون الخفيفة ثم إبدالها ألفا ثم حذفها تخفيفا ، وهذا مبني على جواز توكيد المجزوم بلم وهو قليل جدا ، وخرجها بعضهم على لغة بعض العرب الذين ينصبون بلم ويجزمون بلن ، وهذه ما أظنها تصح . وإن صحت فليست من اللغات المعتبرة فإنها جاءت بعكس ما عليه لغة العرب بأسرها .
وعلى كل حال فقراءة هذا الرجل مع شدة جوره ومزيد ظلمه وكثرة جبروته وقلة علمه ليست بحقيقة بالاشتغال بها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.