بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَٱلۡعَٰدِيَٰتِ ضَبۡحٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة العاديات مكية ، وهي إحدى عشرة آية .

قوله تعالى : { والعاديات ضَبْحاً } قال مقاتل : وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية إلى بني كنانة ، واستعمل عليهم المنذر به عمرو الساعدي ، فأبطأ عليه خبرهم فاغتم لذلك ، فنزل عليه جبريل عليه السلام بهذه السورة يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعلمه عن حالهم فقال : { والعاديات ضبحاً } يعني : أفراس أصحابك يا محمد صلى الله عليه وسلم إنهم يسبحون في عدوهم .

{ فالموريات قَدْحاً } يعني : النار التي تسطع من حوافر الفرس إذا عدت في مكان ذي صخور وأحجار { فالمغيرات صُبْحاً } يعني : أصحابك يغيرون على العدوّ عند الصبح { فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً } يعني : يثيرون بحوافرهن التراب إذا عدت الفرس في مكان سهل يهيج التراب والغبار ( نقعاً ) يعني : أطراحاً على الأرض { فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً } يعني : أصحابك أصبحوا في وسط العدو مع الظفر والغنيمة ، فلا تغتم . وقال الكلبي :{ والعاديات ضبحاً } يعني : أنفاس الخيل حين تتنفس إذا اجتهدت . وقال ابن مسعود رضي الله عنه :{ والعاديات ضبحاً } يعني : الإبل بعرفات إذا دخل الحجاج مكة . وروى عطاء عن ابن عباس في قوله { والعاديات ضبحاً } قال : الخيل ، وما أضبح دابة قط إلا كلب أو خنزير ، وهو يلهث كما يلهث الكلب . وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : هي الإبل تذهب إلى وقعة بدر . وقال أبو صالح : تقاولت مع عكرمة في قوله تعالى { والعاديات ضبحاً } قال عكرمة : قال ابن عباس : هي الخيل في القتال ، فقلت : مولاي - يعني : علي بن أبي طالب رضي الله عنه - أعلم من مولاك ، إنه كان يقول : هي الإبل التي تكون بمكة حين تفيض من عرفات إلى جمع . وقال أهل اللغة : الضبح صوت حلوقها إذا عدت ، والضبح والضبع واحد ، يقال : ضبحت النوق وضبعت إذا عدت في المسير .

وهذا قسم أقسم الله تعالى بهذه الأشياء ، وجوابه قوله تعالى { إِنَّ الإنسان لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ } [ العاديات : 6 ] .