{ لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ( 88 ) }
ثم لما بين الله لرسوله الله صلى الله عليه وآله وسلم ما أنعم به عليه من هذه النعمة الدينية نفرة الله عن اللذات العاجلة الزائلة فقال : { لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ } أي لا تطمح ببصرك إلى زخارف الدنيا طموح رغبة فيها وتمن لها ؛ قال الواحدي : إنما يكون مادا عينيه إلى الشيء إذا أدام النظر نحوه وإدامة النظر إليه تدل على استحسانه وتمنيه .
وقال بعضهم : المعنى لا تحسدن أحدا على ما أوتي من الدنيا ، ورد بأن الحسد منهى عنه مطلقا ، وإنما قال في هذه السورة لا تمدن بغير واو ؛ لأنه لم يسبقه طلب بخلاف ما في سورة طه .
وعن ابن عباس قال : في قوله لا تمدن عينيك نهى الرجل أن يتمنى مال صاحبه والأزواج والأصناف قاله ابن قتيبة . وقال الجوهري : الأزواج القرناء ؛ وقيل يعني اليهود والنصارى والمجوس . وعن مجاهد في قوله أزواجا منهم ، قال الأغنياء الأمثال والأشباه .
وعن سفيان بن عيينة قال : من أعطي القرآن فمد عينيه إلى شيء مما صغر القرآن فقد خالف القرآن ألم تسمع قوله : { ولقد آتيناك سبعا من المثاني } إلى قوله : { ورزق ربك خير وأبقى } وقد فسر ابن عيينة أيضا الحديث الصحيح ( ليس منا من لم يتغن بالقرآن ) {[1038]} فقال إن المعنى لم يستغن به .
ثم لما نهاه عن الالتفات إلى أموالهم وأمتعتهم نهاه عن الالتفات إليهم فقال : { وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ } حيث لم يؤمنوا وصمموا على الكفر والعناد . وقيل المعنى لا تحزن على ما متعوا به في الدنيا وفاتك من مشاركتهم فيها فإن لك الآخرة ؛ والأول أولى .
روى البغوي بسنده عن أبي هريرة قال ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا تغبطن فاجرا بنعمته فإنك لا تدري ما هو لاق بعد موته إن له عند الله قاتلا لا يموت ، قيل وما هو ؟ قال النار ) {[1039]} .
وعنه عند مسلم مرفوعا : ( انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم ) {[1040]} قال عوف : كنت أصحب الأغنياء فما كان أحدا أكثرهما مني ، كنت أرى دابة خيرا من دابتي وثوبا خيرا من ثوبي ، فلما سمعت هذا الحديث صحبت الفقراء فاسترحت .
ثم لما نهاه عن أن يمد عينيه إلى أموال الكفار وأن يحزن عليهم وكان ذلك يستلزم التهاون بهم وبما معهم أمره أن يتواضع للمؤمنين فقال : { وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ } خفض الجناح كناية عن التواضع ولين الجانب ، ومنه قوله سبحانه : { واخفض لهما جناح الذل } وأصله أن الطائر إذا ضم فرخه إلى نفسه بسط جناحه ثم قبضه على الفرخ ، فجعل ذلك وصفا لتواضع الإنسان لأتباعه ، ويقال فلان خافض الجناح أي وقور ساكن ، والجناحان من ابن آدم جانباه ، ومنه واضمم يدك إلى جناحك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.