فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنۡ أَحۡسَنتُمۡ أَحۡسَنتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡۖ وَإِنۡ أَسَأۡتُمۡ فَلَهَاۚ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ ٱلۡأٓخِرَةِ لِيَسُـُٔواْ وُجُوهَكُمۡ وَلِيَدۡخُلُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوۡاْ تَتۡبِيرًا} (7)

{ إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا ( 7 ) .

{ إِنْ أَحْسَنتُمْ } أفعالكم وأقوالكم على الوجه المطلوب منكم { أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ } لأن ثواب ذلك عائد عليكم { وَإِنْ أَسَأْتُمْ } أعمالكم فأوقعتموها لا على الوجه المطلوب منكم { فَلَهَا } أي فعليها إساءتها وإنما عبر بها للمشاكلة قاله الكرماني قال ابن جرير : اللام بمعنى إلى أي فإليها ترجع الإساءة كقوله تعالى : { بأن ربك أوحى لها } أي إليها وقيل المعنى فلها الجزاء والعقاب .

وقال الحسين بن الفضل : فلها رب يغفر الإساءة ، وقال الكرخي : أجرى اللام على بابها ، قال أبو البقاء : وهو الصحيح لأن اللام للاختصاص والعامل مختص بجزاء عمله حسنة وسيئة انتهى . وهذا الخطاب قيل هو لبني إسرائيل الملابسين لما ذكر في هذه الآيات ؛ وقيل لبني إسرائيل الكائنين في زمن محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومعناه إعلامهم ما حل بسلفهم فليرتقبوا مثل ذلك ؛ وقيل هو خطاب لمشركي قريش .

{ فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ } أي حضر وقت ما وعدوا من عقوبة المرة الآخرة والمرة الآخرة هي قتلهم يحيى بن زكريا كما سبق وقصة قتله مستوفاة في الإنجيل واسمه فيه يوحنا قتله ملك من ملوكهم بسبب امرأة حملته على قتله واسم الملك لاخت قاله ابن قتيبة .

وقال ابن جرير : هيردوس فسلط عليهم الفرس والروم فسبوهم وقتلوهم ، وقيل هو قصدهم قتل عيسى فخلصه الله منهم ورفعه إليه وجواب إذا محذوف لدلالة جواب إذا الأولى تقديره بعثناهم .

{ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ } أي ليفعلوا بكم ما يسوء وجوهكم حتى تظهر عليكم آثار المساءة وتبين في وجوهكم الكآبة وقيل المراد بالوجوه السادة منهم وقرئ لنسوء بالنون على أن الضمير لله سبحانه ، وقرئ لنسوءن بنون التأكيد وقرئ ليسوء بالتحتية وإفراد الضمير لله أو للوعد وقرئ ليسوءوا على أن الفاعل عباد لنا ، وفي عود الواو على العباد نوع استخدام إذ المراد بهم أولا جالوت وجنوده والمراد بهم في ضمن الضمير بختنصر وجنوده .

{ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ } أي بيت المقدس ونواحيه فيخربوها { كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ } أي وقت إفسادهم الأول { وَلِيُتَبِّرُواْ } أي يدمروا ويهلكوا ، قاله ابن عباس ، وقال قطرب يهدموا ، قال الزجاج : كل شيء كسرته وفتته فقد تبرته { مَا عَلَوْاْ } ما غلبوا عليه من بلادكم أو مدة علوهم { تَتْبِيرًا } أي تدميرا ذكر المصدر إزالة للشك وتحقيقا للخبر .