ثم أشار سبحانه إلى قصة عيسى إجمالا فقال : { وجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً } أي علامة تدل على عظيم قدرتنا وبديع صنعنا وقد تقدم الكلام على هذا في آخر سورة الأنبياء في تفسير قوله سبحانه : { وجعلناها وابنها آية للعالمين } .
قال قتادة : { آية } أي ولدته من غير أب وفحل ، وخلق من غير نطفة ، وعن الربيع ابن أنس قال : { آية } أي عبرة ، ولم يقل آيتين لأن الأعجوبة فيهما واحدة أو المراد ابن مريم آية وأمه آية ، فحذفت الأولى لدلالة الثانية عليها .
{ وَآوَيْنَاهُمَا } أي أسكناهما وأنزلناهما وأوصلناهما وجعلناهما يأويان { إِلَى رَبْوَةٍ } بفتح الراء وضمها قراءتان سبعيتان ، قيل هي أرض دمشق ، وبه قال عبد الله بن سلام وسعيد بن المسيب ومقاتل . وقيل بيت المقدس ، قاله قتادة وكعب . وقيل أرض فلسطين ، قاله السدي . قال ابن عباس : الربوة المستوية ، وهي المكان المرتفع من الأرض ، وهو أحسن ما يكون فيه النبات ، وأنبئنا أنه دمشق . وقيل هو أعلى مكان من الأرض فيزيد على غيره في الارتفاع ثمانية عشر ميلا ، فهو أقرب بقاع الأرض إلى السماء ، وعن مرة البهزي قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " الربوة الرملة " أخرجه الطبراني وابن أبي حاتم وابن جرير وغيرهم .
وعن أبي هريرة قال : هي الرملة من فلسطين ، وقيل مصر ، وسبب الإيواء أنها فرت بابنها إليها لأن ملك ذلك الزمان كان أراد أن يقتل عيسى ، فهربت به إلى تلك الربوة ومكثت بها اثنتي عشرة سنة ، حتى هلك ذلك الملك .
{ ذَاتِ قَرَارٍ } أي مستوى مستقر ليستقر عليه ساكنوه . وقال ابن عباس : أي ذات خصب . وقيل ذات ثمار { و } ماءَ { مَعِينٍ }الزجاج والفراء : هو الماء الجاري في العيون ، فالميم على هذا زائدة كزيادتها في منبع ، وقيل هو فعيل بمعنى مفعول . قال علي بن سليمان الأخفش : يقال معن الماء إذا جرى ، فهو معين وممعون ، وكذا قال ابن الأعرابي : وقيل هو مأخوذ من الماعون وهو النفع .
قال ابن عباس المعين الماء الجاري ، وقيل الذي تراه العيون وهو النهر الذي قال الله { قد جعل ربك تحتك سريا } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.