{ أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا } هذه الجملة مستأنفة لتقرير ما سبق من ذكر التفاوت بين عاقبتي الفريقين ومن في موضع رفع بالابتداء وخبره محذوف . قال الكسائي : والتقدير ذهبت نفسك عليهم حسرات . قال : ويدل عليه قوله فلا تذهب الخ . قال : وهذا كلام عربي ظريف لا يعرفه إلا القليل وقال الزجاج : تقديره كمن هداه ، وقدره غيرهما كمن لم يزين له ، وهذا أولى لموافقته لفظا ومعنى ، وقد وهم صاحب الكشاف فحكى عن الزجاج ما قاله الكسائي . قال النحاس : والذي قاله الكسائي أحسن ما قيل في الآية لما ذكره من الدلائل على المحذوف ، والمعنى أن الله عز وجل نهى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم عن شدة الاغتمام بهم والحزن عليهم كما قال :فلعلك باخع نفسك قبل التقدير : أفمن زين الخ تريد أن تهديه إنما ذلك إلى الله لا إليك والذي إليك هو التبليغ .
وقال قتادة والحسن : الشيطان زين لهم هي والله الضلالات وقيل نفسه الأمارة وهواه القبيح ، وهو من إضافة الصفة للموصوف أي عمله السيئ قال ابن عباس : نزلت في أبي جهل ومشركي مكة ، وقيل : نزلت في أصحاب الأهواء والبدع ومنهم الخوارج الذين يستحلون دماء المسلمين وأموالهم ، وليس أصحاب الكبائر من الذنوب منهم لأنهم يعتقدون تحريمها مع ارتكابهم إياها .
{ فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء } مقررة لما قبلها ومحققة للحق ببيان أن الكل بمشيئته أي يضل من يشاء أن يضله ويهدي من يشاء أن يهديه وهذه الآية ترد على القدرية قولهم .
{ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ } أي لا تحزن عليهم . قرئ : بفتح الفوقية والهاء مسندا إلى النفس فيكون من باب لا أرينك ههنا أي لا تتعاط أسباب ذلك ، وقرئ بضم التاء وكسر الهاء ونصب نفسك أي فلا تهلكها عليهم أي على عدم إيمانهم .
وقوله حسرات مفعول لأجله والجمع للدلالة على تضاعف اغتمامه على كثرة قبائحهم الموجبة للتأسف والتحسر عليهم ، ويجوز أن ينتصب حسرات على الحال كأنها صارت كلها حسرات لفرط التحسر ، كما روي عن سيبويه ، وقال المبرد : إنها تمييز ، وعليهم صلة لتذهب كما يقال : هلك عليه حبا ، ومات حزنا والحسرة شدة الحزن وهم النفس على ما فات من الأمر وأشد التلهف على الشيء الفائت ، تقول : حسر على الشيء من باب طرب وحسره أيضا فهو حسير .
{ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } لا تخفى عليه من أفعالهم وأقوالهم خافية ؛ والجملة تعليل لما قبلها مع تضمنته من الوعيد الشديد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.