فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـَٔايَٰتِنَا سَوۡفَ نُصۡلِيهِمۡ نَارٗا كُلَّمَا نَضِجَتۡ جُلُودُهُم بَدَّلۡنَٰهُمۡ جُلُودًا غَيۡرَهَا لِيَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمٗا} (56)

{ إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما ( 56 ) }

وقوله { إن الذين كفروا } تقرير لهذا وبيان لكيفية عذابهم وعذاب جميع من كفر { بآياتنا } الظاهر عدم تخصيصه ببعض الآيات دون بعض { سوف } كلمة تذكر للتهديد ، قال سيبوية وتنوب عنها السين { نصليهم } أي ندخلهم { نارا } يحترقون فيها .

{ كلما نضجت } أي احترقت { جلودهم بدلناهم جلودا غيرها } أي أعطيناهم مكان كل جلد محترق جلدا آخر غير محترق ، فإن ذلك أبلغ من العذاب للشخص لأن إحساسه لعمل النار في الجلد الذي لم يحترق أبلغ من إحساسه لعملها في الجلد المحترق .

وقيل المراد بالجلود السرابيل التي ذكرها الله في قوله { سرابيلهم من قطران } ولا موجب لترك المعنى الحقيقي ههنا ، وإن جاز إطلاق الجلود على السرابيل مجازا ، وقيل المعنى أعدنا الجلد الأول جديدا ، ويأبى ذلك معنى التبديل ، قال ابن عمر : يبدلون جلودا بيضاء أمثال القراطيس .

وقال معاذ : تبدل في ساعة مائة مرة فقال عمر هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه الطبراني بسند ضعيف ، والبغوي بغير سند ، وقال كعب عشرين ومائة مرة وعن ابن مسعود أن غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا وقال الحسن ، تأكلهم النار في كل يوم سبعين ألف مرة .

{ ليذوقوا العذاب } أي ليحصل لهم الذوق الكامل لذلك التبديل ويقاسوا شدته ، وقيل معناه ليدوم لهم العذاب ولا ينقطع { إن الله كان عزيزا } في انتقامه ممن ينتقم من خلقه لا يغلبه شيء ولا يمنع عليه أحد { حكيما } في تدبيره وقضائه وأنه لا يفعل إلا ما هو الصواب .