{ حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا } أي النار التي حشروا إليها وصاروا بحضرتها أو موقف الحساب و { ما } مزيدة للتوكيد { شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } في الدنيا من المعاصي ، وفي كيفية هذه الشهادة ثلاثة أقوال ، أولها أن الله تعالى يخلق الفهم والقدرة والنطق فيها فتشهد كما يشهد الرجل على ما يعرفه ، ثانيها أنه تعالى يخلق في تلك الأعضاء الأصوات والحروف الدالة على تلك المعاني ، ثالثها أن يظهر في تلك الأعضاء أحوال تدل على صدور تلك الأعمال من ذلك الإنسان ، وتلك الأمارات تسمى شهادات ، كما يقال : العالم يشهد بتغيرات أحواله على حدوثه .
وقال الكرخي : ينطقها الله تعالى كإنطاق اللسان فتشهد . وليس نطقها بأغرب من نطق اللسان عقلا ، وإيضاحه أن البينة ليست شرطا للحياة والعلم والقدرة فالله تعالى قادر على خلق العقل والقدرة والنطق في كل جزء من أجزاء هذه الأعضاء .
قال مقاتل تنطق جوارحهم بما كتمت ألسنهم من عملهم بالشرك . والمراد بالجلود هي جلودهم المعروفة في قول أكثر المفسرين . وقيل : المراد بها الجوارح مطلقا ، فالعطف من قبيل عطف العام على الخاص . وقال السدي وعبيد الله بن أبي جعفر والفراء : أراد بالجلود الفروج وهو من باب الكنايات كما قال تعالى : { لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا } أراد النكاح ، وقال تعالى : { أو جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ } والمراد قضاء الحاجة ، وفي الحديث : ( أول ما يتكلم من الآدمي فخده وكفه ) ، وعلى هذا التقدير تكون الآية وعيدا شديدا في إتيان الزنا لأن مقدمة الزنا إنما تحصل بالفخذ والأول أولى .
ووجه تخصيص الثلاث بالشهادة دون غيرها مع أن الحواس خمسة ، وهي السمع والبصر والشم والذوق واللمس ، وآلة اللمس هي الجلد ، ما ذكره الرازي أن الذوق داخل في اللمس من بعض الوجوه ، لأن إدراك الذوق إنما يأتي بأن تصير جلدة اللسان مماسة لجرم الطعام ، وكذلك الشم لا يتأتى حتى تصير جلدة الأنف مماسة لجرم المشموم فكانا داخلين في حس اللمس انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.