ثم ذكر حال الطائفة الأخرى فقال : { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ } أي بينا لهم سبيل النجاة ، ودللناهم على طريق الحق بإرسال الرسل إليهم ، ونصب الدلالات لهم من مخلوقات الله ، وإنزال الآيات التشريعية ، فإنها توجب على كل عاقل أن يؤمن بالله ويصدق رسله .
قال الفراء معنى الآية دللناهم على مذهب الخير بإرسال الرسل . قال الشيخ أبو منصور يحتمل ما ذكر من الهداية التبيين ، وخلق الاهتداء فيهم ، فصاروا مهتدين ، ثم كفروا بعد ذلك وعقروا الناقة لأن الهدي المضاف إلى الخلق يكون بمعنى البيان والتوفيق ، وخلق فعل الاهتداء ، فأما الهدي المضاف إلى الخلق فيكون بمعنى البيان لا غير .
وقال صاحب الكشاف فيه فإن قلت أليس معنى قولك هديته جعلت فيه الهدي ؟ والدليل عليه قولك هديته فاهتدى بمعنى تحصيل البغية وحصولها ، كما تقول ردعته فارتدع فكيف ساغ استعماله في الدلالة المجردة ؟ قلت للدلالة على أنه مكنهم فأزاح عللهم ، ولم يبق لهم عذر فكأنه حصل البغية فيهم بتحصيل ما يوجبها ويقتضيها اه وإنما تمحل بهذا لأنه لا يتمكن من أن يفسره بخلق الاهتداء لأنه يخالف مذهبه الفاسد .
قرأ الجمهور ثمود بالرفع ، ومنع الصرف ، وقرئ بالرفع والصرف ، وقرئ بالنصب والصرف ، وقرئ بالنصب والمنع ، فأما الرفع فعلى الابتداء وهو الفصيح وأما النصب فعلى الاشتغال ، وأما الصرف فعلى تفسير الاسم بالأب أو الحي ، وأما المنع فعلى تأويله بالقبيلة .
{ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى } أي اختاروا الكفر على الإيمان قال أبو العالية اختاروا العمى على البيان ، وقال السدي اختاروا المعصية على الطاعة { فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ } قد تقدم أن الصاعقة اسم للشيء المهلك لأي شيء كان ، والهون الهوان والإهانة ، فكأنه قال أصابهم مهلك العذاب ذي الهوان أو الإهانة ، ويقال عذاب هون أي مهين كقوله { مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ } { بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } الباء للسببية أي بسبب الذي كانوا يكسبونه ، أو بسبب كسبهم وهو شركهم وتكذيبهم صالحا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.