{ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ } جواب القسم ، وقد أنكر بعض النحاة أن تكون هذه الجملة جوابا للقسم ، لأنها صفة للمقسم به ، ولا تكون صفة المقسم به جوابا للقسم ، وقال : الجواب :
{ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ } واختاره ابن عطية ، وقال أيضا وجملة إنا أنزلناه اعتراض متضمن لتفخيم الكتاب ، ورجح الأول بالسبق ، وبكونه من البدائع ، وبسلامته من الفك اللازم لما اختاره ابن عطية ، وقيل : إن قوله إنا كنا الخ جواب ثان أو جملة مستأنفة مقررة للإنزال ، وفي حكم العلة له كأنه قال : إنا أنزلناه لأن من شأننا الإنذار . والضمير في أنزلناه راجع إلى الكتاب وهو القرآن ، واقتصر على ذلك البيضاوي ، وتبعه الجلال المحلي . وعلى هذا فقد أقسم بالقرآن أنه أنزل القرآن ، وهذا النوع من الكلام يدل على غاية تعظيم القرآن ، فقد يقول الرجل إذا أراد تعظيم الرجل له إليه حاجة : أتشفع بك إليك ، وأقسم بحقك عليك .
وجاء في الحديث : ( أعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك ، وبك منك ، لا أحصي ثناء عليك ) . وقيل : المراد بالكتاب سائر الكتب المنزلة ، والضمير راجع إلى القرآن على معنى أنه سبحانه أقسم بسائر الكتب المنزلة أنه أنزل القرآن والأول أولى ، واستدلوا بهذه الآية على حدوث القرآن بوجود لا دلالة عليه .
{ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ } أي ليلة القدر ، كما في قوله { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } ولها أربعة أسماء هي ، وليلة البراءة ، وليلة الصك ، وليلة الرحمة . قال عكرمة وطائفة الليلة المباركة هنا ليلة النصف من شعبان ، وقال النووي في باب صوم التطوع من شرح مسلم إنه خطأ ، والصواب وبه قال العلماء إنها ليلة القدر ، وقيل بينها وبين ليلة القدر أربعون ليلة .
والجمهور وأكثر المفسرين على الأول وليلة القدر في أكثر الأقاويل في شهر رمضان ، وقال قتادة أنزل القرآن كله في ليلة القدر من أم الكتاب ، وهو اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في سماء الدنيا ثم أنزل الله سبحانه على نبيه صلى الله عليه وسلم في الليالي والأيام في ثلاث وعشرين سنة في أنواع الوقائع حالا فحالا ، وقد تقدم تحقيق الكلام في هذا في سورة البقرة ، عند قوله :
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ } وذكر سليمان الجمل أدلة القولين ، وبسط فيها لا نطول بذكرها هنا .
وقال مقاتل كان ينزل من اللوح المحفوظ كل ليلة قدر من الوحي على مقدار ما ينزل به جبريل في السنة إلى مثلها من العام ، وقيل ابتداء نزوله في ليلة القدر ، ووصف الله سبحانه هذه الليلة بأنها مباركة لنزول القرآن فيها وهو مشتمل على مصالح الدين والدنيا ، ولكونها تتنزل فيها الملائكة والروح كما سيأتي في سورة القدر إن شاء الله تعالى .
قال ابن عباس ( أنزل القرآن في ليلة القدر ، ونزل به جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم نجوما لجواب الناس ) ، وقيل المباركة الكثيرة الخير ، لما ينزل فيها من الخير والبركة ، ويستجاب من الدعاء ، ولو لم يوجد فيها إلا إنزال القرآن وحده لكفى به بركة .
{ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ } أي مخوفين عقابنا مستأنف أو جواب ثان بغير عاطف ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.