الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ قِيلَ لَهُمۡ كُفُّوٓاْ أَيۡدِيَكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقِتَالُ إِذَا فَرِيقٞ مِّنۡهُمۡ يَخۡشَوۡنَ ٱلنَّاسَ كَخَشۡيَةِ ٱللَّهِ أَوۡ أَشَدَّ خَشۡيَةٗۚ وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبۡتَ عَلَيۡنَا ٱلۡقِتَالَ لَوۡلَآ أَخَّرۡتَنَآ إِلَىٰٓ أَجَلٖ قَرِيبٖۗ قُلۡ مَتَٰعُ ٱلدُّنۡيَا قَلِيلٞ وَٱلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لِّمَنِ ٱتَّقَىٰ وَلَا تُظۡلَمُونَ فَتِيلًا} (77)

أخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في سننه من طريق عكرمة عن ابن عباس . أن عبد الرحمن بن عوف وأصحابا له أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا نبي الله كنا في عز ونحن مشركون ، فلما آمنا صرنا أذلة . فقال : " إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا القوم . فلما حوله الله إلى المدينة أمره الله بالقتال فكفوا . فأنزل الله { ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم . . . } الآية " .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في الآية قال : " كان أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - وهم يومئذ بمكة قبل الهجرة - يسارعون إلى القتال ، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : ذرنا نتخذ معاول فنقاتل بها المشركين . وذكر لنا أن عبد الرحمن بن عوف كان فيمن قال ذلك ، فنهاهم نبي الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك قال : " لم أومر بذلك . فلما كانت الهجرة وأمروا بالقتال كره القوم ذلك وصنعوا فيه ما تسمعون ، قال الله تعالى { قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا } " .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : هم قوم أسلموا قبل أن يفرض عليهم القتال ، ولم يكن عليهم إلا الصلاة والزكاة ، فسألوا الله أن يفرض عليهم القتال .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم } إلى قوله { لاتبعتم الشيطان إلا قليلا } ما بين ذلك في يهود .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس { فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم } الآية . قال : نهى الله هذه الأمة أن يصنعوا صنيعهم .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله { إلى أجل قريب } قال : هو الموت .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج { إلى أجل قريب } أي إلى أن يموت موتا .

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن هشام قال : قرأ الحسن { قل متاع الدنيا قليل } قال : رحم الله عبدا صحبها على ذلك ، ما الدنيا كلها من أولها إلى آخرها إلا كرجل نام نومة فرأى في منامه بعض ما يحب ثم انتبه فلم ير شيئا .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران قال : الدنيا قليل ، وقد مضى أكثر القليل ، وبقي قليل من قليل .