الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{أَيۡنَمَا تَكُونُواْ يُدۡرِككُّمُ ٱلۡمَوۡتُ وَلَوۡ كُنتُمۡ فِي بُرُوجٖ مُّشَيَّدَةٖۗ وَإِن تُصِبۡهُمۡ حَسَنَةٞ يَقُولُواْ هَٰذِهِۦ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةٞ يَقُولُواْ هَٰذِهِۦ مِنۡ عِندِكَۚ قُلۡ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ فَمَالِ هَـٰٓؤُلَآءِ ٱلۡقَوۡمِ لَا يَكَادُونَ يَفۡقَهُونَ حَدِيثٗا} (78)

أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله { أينما تكونوا . . . } قال : من الأرض .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة { ولو كنتم في بروج مشيدة } يقول في قصور محصنة .

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة { في بروج مشيدة } قال : المجصصة .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي { في بروج مشيدة } قال : هي قصور بيض في سماء الدنيا مبنية .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية { في بروج مشيدة } قال : قصور في السماء .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سفيان في الآية قال : يرون أن هذه البروج في السماء .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن مجاهد قال : كان قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم امرأة ، وكان لها أجير فولدت المرأة فقالت لأجيرها : انطلق فاقتبس لي نارا ، فانطلق الأجير فإذا هو برجلين قائمين على الباب ! فقال أحدهما لصاحبه : وما ولدت ؟ فقال : ولدت جارية . فقال أحدهما لصاحبه : لا تموت هذه الجارية حتى تزني بمائة ويتزوجها الأجير ، ويكون موتها بعنكبوت . فقال الأجير : أما والله ولأكذبن حديثهما ، فرمى بما في يده وأخذ السكين فشحذها وقال : ألا تراني أتزوجها بعدما تزني بمائة ، ففرى كبدها ورمى بالسكين وظن أنه قد قتلها ، فصاحت الصبية ، فقامت أمها فرأت بطنها قد شق فخاطته وداوته حتى برئت .

وركب الأجير رأسه فلبث ما شاء الله أن يلبث ، وأصاب الأجير مالا ، فأراد أن يطلع أرضه فينظر من مات منهم ومن بقي ، فأقبل حتى نزل على عجوز وقال للعجوز : أبغي لي أحسن امرأة في البلد أصيب منها وأعطيها ، فانطلقت العجوز إلى تلك المرأة ، وهي أحسن جارية في البلد ، فدعتها إلى الرجل وقالت : تصيبين منه معروفا ؟ فأبت عليها وقالت : إنه قد كان ذاك مني فيما مضى ، فأما اليوم فقد بدا لي أن لا أفعل . فرجعت إلى الرجل فأخبرته فقال : فاخطبيها لي . فخطبها وتزوجها فأعجب بها . فلما أنس إليها حدثها حديثه فقالت : والله لئن كنت صادقا لقد حدثتني أمي حديثك ، وإني لتلك الجارية . قال : أنت ؟ ! قالت : أنا . . . قال : والله لئن كنت أنت إن بك لعلامة لا تخفى . فكشف بطنها ، فإذا هو بأثر السكين فقال : صدقني والله الرجلان ، والله لقد زنيت بمائة ، وإني أنا الأجير ، وقد تزوجتك ولتكونن الثالثة ، وليكونن موتك بعنكبوت . فقالت : والله لقد كان ذاك مني ، ولكن لا أدري مائة أو أقل أو أكثر . فقال : والله ما نقص واحدا ولا زاد واحدا ، ثم انطلق إلى ناحية القرية ، فبنى فيه مخافة العنكبوت ، فلبث ما شاء الله أن يلبث ، حتى إذا جاء الأجل ، ذهب ينظر فإذا هو بعنكبوت في سقف البيت وهي إلى جانبه فقال : والله إني لأرى العنكبوت في سقف البيت . فقالت : هذه التي تزعمون أنها تقتلني ، والله لأقتلنها قبل أن تقتلني . فقام الرجل فزاولها وألقاها فقالت : والله لا يقتلها أحد غيري ، فوضعت أصبعها عليها فشدختها ، فطار السم حتى وقع بين الظفر واللحم ، فاسودت رجلها فماتت ، وأنزل الله على نبيه حين بعث { أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة } .