الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَغۡفِرُواْ لِلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ لِيَجۡزِيَ قَوۡمَۢا بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (14)

أخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه { قل للذين آمنوا يغفروا } الآية قال : ما زال النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالعفو ، ويحث عليه ويرغب فيه حتى أمر أن يعفو عمن لا يرجو أيام الله ، وذكر أنها منسوخة نسختها الآية التي في الأنفال { فإما تثقفنهم في الحرب } [ الأنفال : 57 ] الآية .

وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { قل للذين آمنوا يغفروا } الآية قال : كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يعرض عن المشركين إذا آذوه ، وكان يستهزؤون به ، ويكذبونه ، فأمره الله أن يقاتل المشركين كافة ، فكان هذا من المنسوخ .

وأخرج أبو داود في تاريخه وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله } . قال : الذين لا يدرون أنعم الله عليهم أم لم ينعم ، قال سفيان رضي الله عنه : بلغني أنها نسختها آية القتال .

وأخرج ابن جرير وابن الأنباري في المصاحف عن قتادة رضي الله عنه في قوله { قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله } قال : هي منسوخة بقول الله { فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } .

وأخرج ابن عساكر عن أبي مسلم الخولاني رضي الله عنه أنه قال لجارية له : لولا أن الله تعالى يقول { قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله } لأوجعتك . فقالت : والله إني لممن يرجو أيامه ، فما لك لا توجعني ؟ فقال : إن الله تعالى يأمرني أن أغفر للذين لا يرجون أيامه ، فعمّن يرجو أيامه أحرى ، انطلقي فأنت حرة .