الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَغۡفِرُواْ لِلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ لِيَجۡزِيَ قَوۡمَۢا بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (14)

{ قُل لِّلَّذِينَ آمَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ } أي لا يخافون وقائع الله ولا يبالون نقمه ، قال ابن عباس ومقاتل : نزلت في عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وذلك أنّ رجلاً من بني غفار كان يشتمه فهمّ عمر أن يبطش به ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وأمره بالعفو .

أخبرنا الحسين بن محمد بن عبد الله ، حدثنا موسى بن محمد بن علي بن عبد الله ، حدثنا الحسن بن علوية ، حدثنا إسماعيل بن عيسى العطار ، حدثنا محمد بن زياد الشكري ، عن ميمون ابن مهران ، عن ابن عباس ، قال : لما نزلت هذه الآية{ مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً } [ البقرة : 245 ] . قال يهودي بالمدينة يقال له فنحاص : احتاج ربّ محمد .

قال : فلما سمع بذلك عمر بن الخطاب اشتمل على سيفه وخرج في طلبه . فجاء جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم فقال : إنّ ربّك يقول : { قُل لِّلَّذِينَ آمَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ } ، واعلم أنّ عمر بن الخطاب قد اشتمل على سيفه وخرج في طلب اليهودي » . " فبعث النبي صلى الله عليه وسلم في طلبه ، فلما جاءه ، قال : " ياعمر خرج سيفك ؟ " . قال : صدقت يارسول الله ، أَشهد أنّك أُرسلت بالحقّ ، قال : " فإنّ ربّك يقول : { قُل لِّلَّذِينَ آمَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ } " .

قال : لا جرم والّذي بعثك بالحقّ لا يُرى الغضب في وجهي .

قال القرظي والسدي : نزلت في ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل مكّة كانوا في أذىً شديد من المشركين ، قبل أن يؤمروا بالقتال فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنزل الله تعالى هذه الآية ثمّ نسختها آية القتال .

{ لِيَجْزِيَ قَوْماً } بفتح الياءين وكسر الزاء ، وقرأ أبو جعفر بضم الياء الأُولى وجزم الثانية ، قال أبو عمرو : وهو لحن ظاهر ، وقال الكسائي : وهذه ليجري الجزاء قوماً ، وقرأ الباقون بفتح اليائين على وجه الخبر عن الله تعالى ، واختاره أبو عبيدة وأبو حاتم لذكر الله تعالى قبل ذلك .

{ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }