الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَغۡفِرُواْ لِلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ لِيَجۡزِيَ قَوۡمَۢا بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (14)

قوله : { قُل لِّلَّذِينَ آمَنُواْ يَغْفِرُواْ } : قد تقدَّم نظيرُه في سورة إبراهيم .

قوله : " ليَجْزِيَ " قرأ ابنُ عامر والأخَوان " لنجزيَ " بنونِ العظمةِ أي : لنجزيَ نحن . وباقي السبعة " ليجزِيَ " بالياء مِنْ تحتُ مبنياً للفاعلِ أي : ليجزيَ اللَّهُ . وأبو جعفر بخلافٍ عنه وشيبةُ وعاصم في روايةٍ كذلك ، إلاَّ أنه مبنيٌّ للمفعولِ . هذا مع نصبِ " قوماً " . / وفي القائمِ مَقامَ الفاعلِ ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدُها : ضميرُ المفعولِ الثاني عادَ الضميرُ عليه لدلالةِ السِّياقِ تقديرُه : ليُجْزَى هو أي : الخيرُ قوماً . والمفعول الثاني مِنْ بابِ " أَعْطى " يقومُ مَقامَ الفاعلِ بلا خلافٍ . ونظيرُه : " الدرهمُ أُعْطي زيداً " . الثاني : أنَّ القائمَ مقامَه ضميرُ المصدرِ المدلولِ عليه بالفعلِ أي : ليُجْزَى الجزاءُ . وفيه نظر ؛ لأنه لا يُتْرَكُ المفعول به ويُقام المصدرُ ولا سيما مع عَدَم التصريحِ به . الثالث : أنَّ القائمَ مَقامَه الجارُّ والمجرورُ ، وفيه حُجَّةٌ للأخفشِ والكوفيين ، حيث يُجيزون نيابةَ غيرِ المفعولِ به مع وجودِه وأنشدوا :

4031 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** لَسُبَّ بذلك الجَرْوِ الكِلابا

[ وقوله ] :

4032 لم يُعْنَ بالعلياءِ إلاَّ سَيِّدا ***

والبصريون لا يُجيزونه .