النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَغۡفِرُواْ لِلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ لِيَجۡزِيَ قَوۡمَۢا بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (14)

قوله عز وجل : { قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : لا ينالون نعم الله ، قاله مجاهد .

الثاني : لا يخشون عذاب الله ، قاله الكلبي ومقاتل .

الثالث : لا يطمعون في نصر الله في الدنيا ولا في الآخرة ، قاله ابن بحر .

وفي المراد بأيام الله وجهان :

أحدهما : أيام إنعامه وانتقامه في الدنيا ، لأنه ليس في الآخرة أيام بين ليل ونهار .

الثاني : أنها أيام الثواب والعقاب في الآخرة . وتكون الأيام وقتاً وإن تكن أياماً على الحقيقة .

وفي الكلام أمر محذوف فتقديره : قل للذين آمنوا{[2590]} اغفروا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله . الغفران ها هنا العفو وترك المجازاة على الأذى .

وحكى الكلبي أن هذه الآية نزلت في عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد شتمه رجل من المشركين فهمَّ أن يبطش به ، فلما نزل ذلك فيه كف عنه .

وفي نسخ هذه الآية قولان :

أحدهما : أنها ثابتة في العفو عن الأذى في غير الدين .

الثاني : أنها منسوخة وفيما{[2591]} نسخها قولان :

أحدهما : بقوله سبحانه { فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ{[2592]} حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } قاله قتادة .

الثاني : بقوله { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُم{[2593]} ظُلِمُوا } قاله أبو صالح .


[2590]:في ع قل للذين غفروا نغفروا.
[2591]:في ك وفي نسخها.
[2592]:الآية 5 من سورة التوبة.
[2593]:الآية 39 من سورة الحج.