الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٗۖ وَلَأَجۡرُ ٱلۡأٓخِرَةِ أَكۡبَرُۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ} (41)

وقوله سبحانه : { والذين هَاجَرُوا فِي الله مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا } [ النحل : 41 ] .

هؤلاء هُمُ الذين هاجروا إِلى أرض الحبشةِ ، هذا قول الجمهورِ ، وهو الصحيحُ في سبب نزولِ الآية ؛ لأن هجرة المدينة لم تكُنْ وقْتَ نزول الآيةِ ، والآيةُ تتناوَلُ كلَّ مَنْ هاجر أَولاً وآخراً ، وقرأ جماعة خارجَ السبْعِ : «لَنُثْوِيَنَّهُمْ » ، واختلف في معنى ال{ حَسَنَةً } هنا ، فقالتْ فرقة : الحسنةُ عِدَةٌ بَبُقْعةٍ شريفةٍ ، وهي المدينةُ ، وذهبَتْ فرقةٌ إِلى أن الحسنة عامَّة في كلِّ أمْرٍ مستحسَنٍ يناله ابنُ آدم ، وفي هذا القولِ يدخُلُ ما رُوِيَ عن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه : أنه كَانَ يُعْطِي المَالَ وَقْتَ القِسْمَة الرَّجُلَ مِنَ المُهَاجِرِينَ ، ويقُولُ له : خُذْ ما وَعَدَكَ اللَّهُ في الدنيا ، وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أكْبَرُ ، ثم يتلو هذه الآية ، ويدخل في هذا القولِ النَّصْرُ على العدوِّ ، وفتْحُ البلادِ ، وكلُّ أَمَلٍ بلغه المهاجرون ، والضمير في { يَعْلَمُونَ } عائدٌ على كفار قريشٍ .