فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ جَنَّـٰتُ عَدۡنٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهِمُ ٱلۡأَنۡهَٰرُ يُحَلَّوۡنَ فِيهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٖ وَيَلۡبَسُونَ ثِيَابًا خُضۡرٗا مِّن سُندُسٖ وَإِسۡتَبۡرَقٖ مُّتَّكِـِٔينَ فِيهَا عَلَى ٱلۡأَرَآئِكِۚ نِعۡمَ ٱلثَّوَابُ وَحَسُنَتۡ مُرۡتَفَقٗا} (31)

وجملة : { أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ } استئناف لبيان الأجر ، والإشارة إلى من تقدّم ذكره ، وقيل : يجوز أن يكون { أولئك } خبر { إن الذين آمنوا } ، وتكون جملة : { إِنَّا لاَ نُضِيعُ } اعتراضاً ، ويجوز أن يكون { أولئك } خبراً بعد خبر ، وقد تقدّم الكلام { في جنات عدن } ، وفي كيفية جري الأنهار من تحتها { يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ } قال الزجاج : أساور جمع أسورة ، وأسورة جمع سوار ، وهي زينة تلبس في الزند من اليد وهي من زينة الملوك ، قيل : يحلى كل واحد منهم ثلاثة أسورة : واحد من فضة ، واحد من لؤلؤ ، وواحد من ذهب ، وظاهر الآية أنها جميعها من ذهب ، ويمكن أن يكون قول القائل هذا جمعاً بين الآيات لقوله سبحانه في آية أخرى : { أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ } [ الإنسان : 21 ] ، ولقوله في آية أخرى : { وَلُؤْلُؤاً } [ الحج : 23 ] . و«من » في قوله : { مِنْ أَسَاوِرَ } للابتداء ، وفي { من ذهب } للبيان . وحكى الفراء " يحلون " بفتح الياء وسكون الحاء وفتح اللام ، يقال : حليت المرأة تحلى فهي حالية : إذا لبست الحليّ { وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مّن سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ } قال الكسائي : السندس : الرقيق ، واحده سندسة ، والإستبرق : ما ثخن وكذا قال المفسرون ، وقيل : الإستبرق : هو الديباج كما قال الشاعر :

وإستبرق الديباج طوراً لباسها *** . . .

وقيل : هو المنسوج بالذهب . قال القتيبي : هو فارسيّ معرّب . قال الجوهري : وتصغيره أبيرق ، وخصّ الأخضر لأنه الموافق للبصر ، ولكونه أحسن الألوان { متَّكِئِينَ فِيهَا على الأرائك } قال الزجاج : الأرائك : جمع أريكة ، وهي السرر في الحجال ، وقيل : هي أسرة من ذهب مكللة بالدرّ والياقوت ، وأصل اتكأ : او تكأ ، وأصل متكئين : موتكئين ، والاتكاء : التحامل على الشيء { نِعْمَ الثواب } ذلك الذي أثابهم الله به { وَحَسُنَتْ } تلك الأرائك { مُرْتَفَقًا } أي متكأً وقد تقدّم قريباً .

/خ31