فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{مَن كَانَ يُرِيدُ حَرۡثَ ٱلۡأٓخِرَةِ نَزِدۡ لَهُۥ فِي حَرۡثِهِۦۖ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرۡثَ ٱلدُّنۡيَا نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَا وَمَا لَهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} (20)

{ مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخرة نَزِدْ لَهُ في حَرْثِهِ } الحرث في اللغة : الكسب ، يقال : هو يحرث لعياله ويحترث ، أي : يكتسب . ومنه سمي الرجل حارثاً ، وأصل معنى الحرث : إلقاء البذر في الأرض ، فأطلق على ثمرات الأعمال ، وفوائدها بطريق الاستعارة والمعنى : من كان يريد بأعماله ، وكسبه ثواب الآخرة يضاعف الله له ذلك الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف . وقيل : معناه يزيد في توفيقه ، وإعانته ، وتسهيل سبل الخير له { وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدنيا نُؤْتِهِ مِنْهَا } أي من كان يريد بأعماله ، وكسبه ثواب الدنيا ، وهو متاعها ، وما يرزق الله به عباده منها نعطه منها ما قضت به مشيئتنا ، وقسم له في قضائنا . قال قتادة : معنى { نُؤْتِهِ مِنْهَا } نقدّر له ما قسم له كما قال : { عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء } [ الإسراء : 18 ] ، وقال قتادة أيضاً : إن الله يعطي على نية الآخرة ما شاء من أمر الدنيا ، ولا يعطي على نية الدنيا إلاّ الدنيا . قال القشيري : والظاهر أن الآية في الكافر ، وهو تخصيص بغير مخصص . ثم بيّن سبحانه أن هذا الذي يريد بعمله الدنيا لا نصيب له في الآخرة ، فقال : { وَمَا لَهُ في الآخرة مِن نَّصِيبٍ } ؛ لأنه لم يعمل للآخرة ، فلا نصيب له فيها ، وقد تقدم تفسير هذه الآية في سورة الإسراء .

/خ28