فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ} (1)

مقدمة السورة:

سورة العلق

ويقال سورة العلق ، وهي تسع عشرة آية ، وقيل عشرون آية وهي مكية بلا خلاف ، وهي أول ما نزل من القرآن . وأخرج ابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال : أول ما نزل من القرآن { اقرأ باسم ربك الذي خلق } . وأخرج ابن أبي شيبة وابن الضريس وابن الأنباري والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن أبي موسى الأشعري قال : { اقرأ باسم ربك الذي خلق } أول سورة أنزلت على محمد . وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي وصححه عن عائشة قالت : إن أول ما نزل من القرآن { اقرأ باسم ربك الذي خلق } ويدل على أن هذه السورة أول ما نزل الحديث الطويل الثابت في البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عائشة ، وفيه «فجاءه الحق وهو في غار حراء ، فقال له اقرأ » الحديث ، وفي الباب أحاديث وآثار عن جماعة من الصحابة . وقد ذهب الجمهور إلى أن هذه السورة أول ما نزل من القرآن .

قرأ الجمهور { اقرأ } بسكون الهمزة أمراً من القراءة . وقرأ عاصم في رواية عنه بفتح الراء ، وكأنه قلب الهمزة ألفاً ثم حذفها للأمر ، والأمر بالقراءة يقتضي مقروءاً ، فالتقدير : اقرأ ما يوحى إليك ، أو ما نزل عليك ، أو ما أمرت بقراءته ، وقوله : { باسم رَبّكَ } متعلق بمحذوف هو حال : أي اقرأ ملتبساً باسم ربك أو مبتدئاً باسم ربك أو مفتتحاً ، ويجوز أن تكون الباء زائدة ، والتقدير : اقرأ اسم ربك كقول الشاعر :

سود المحاجر لا يقرأن بالسور *** . . .

قاله أبو عبيدة . وقال أيضاً : الاسم صلة : أي اذكر ربك . وقيل الباء بمعنى على : أي اقرأ على اسم ربك ، يقال افعل كذا بسم الله ، وعلى اسم الله قاله الأخفش . وقيل : الباء للاستعانة : أي مستعيناً باسم ربك ، ووصف الربّ بقوله : { الذي خَلَقَ } لتذكير النعمة لأن الخلق هو أعظم النعم ، وعليه يترتب سائر النعم . قال الكلبي : يعني الخلائق .

/خ19