تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّهِۦ كَمَن زُيِّنَ لَهُۥ سُوٓءُ عَمَلِهِۦ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَهۡوَآءَهُم} (14)

10

المفردات :

بينة : حجة وبرهان ، وتشمل القرآن والحجج العقلية .

سوء عمله : كالشرك والمعاصي .

واتبعوا أهواءهم : في عبادة الأوثان ، فلا شبهة دليل لهم في ذلك ، والجواب عن قوله : { أفمن كان } . و{ كمن زين } . هو : لا مماثلة بين المؤمنين وكفار مكة .

التفسير :

14- { أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم } .

هذه آية تقارن بين الحق الثابت الأبلج ، والباطل وهو لجلج ، بين رسول الله صلى الله عليه وسلم والوحي ينزل عليه ، واليقين مستقر في قلبه ، وأبي جهل وأمثاله ممن أغواهم الشيطان ، وزين لهم الكبر والظلم والعدوان ، والكفر والبطر وإتباع الهوى .

قال المفسرون :

يريد بمن : { كان على بينة من ربه } . رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبمن : { زين له سوء عمله } . أبا جهل وكفار قريش ، لكن الآية عامة ، والعبرة بعموم اللفظ ، وفيه أن على المؤمن أن يكون على يقين وحجة وبينة في دينه وإسلامه .

وفي معنى هذه الآية نجد قوله تعالى : { أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى . . . } ( الرعد : 19 ) .

وقوله تعالى : { لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون } . ( الحشر : 20 ) .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّهِۦ كَمَن زُيِّنَ لَهُۥ سُوٓءُ عَمَلِهِۦ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَهۡوَآءَهُم} (14)

{ أَفَمَن كَانَ على بَيّنَةٍ مّن رَّبّهِ } تقرير لتباين حال الفريقين المؤمنين والكافرين وكون الأولين في أعلى عليين والآخرين في أسفل سافلين وبيان لعلة ما لكل منهما من الحال ، والهمزة لإنكار استوائهما أو لإنكار كون الأمر ليس كما ذكر ، والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام وقد قرئ بدونها ، و { مِنْ } عبارة عن المؤمنين المتمسكين بأدلة الدين كما أنها في قوله تعالى : { كَمَن زُيّنَ لَهُ سُوء عَمَلِهِ } عبارة عن أضدادهم من المشركين .

وأخرج جماعة عن ابن عباس أن { مَن كَانَ * على بَيّنَةٍ مّن رَّبّهِ } هو رسول الله صلى الله عليه وسلم و { مّن زِينَةِ * لَهُ سُوء عَمَلِهِ } هم المشركون ، وروى عن قتادة نحوه وإليه ذهب الزمخشري . وتعقب بأن التخصيص لا يساعده النظم الكريم ولا داعي إليه ، وقيل : ومثله كون { مِنْ } الأولى عبارة عنه صلى الله عليه وسلم وعن المؤمنين ، والمعنى أيستوي الفريقان أو أليس الأمر كما ذكر فمن كان ثابتاً على حجة ظاهرة وبرهان نير من مالك أمره ومربيه وهو القرآن العظيم وسائر المعجزات والحجج العقلية كمن زين له الشيطان عمله السيء من الشرك وسائر المعاصي كإخراجك من قريتك مع كون ذلك في نفسه أقبح القبائح { واتبعوا } في ذلك العمل السيء ، وقيل : بسبب ذلك التزيين { أَهْوَاءهُمْ } الزائغة من غير أن يكون لهم شبهة توهم صحة ما هم عليه فضلاً عن حجة تدل عليها . وجمع الضميرين الأخيرين باعتبار معنى { مِنْ } كما أن افراد الأولين باعتبار لفظها .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّهِۦ كَمَن زُيِّنَ لَهُۥ سُوٓءُ عَمَلِهِۦ وَٱتَّبَعُوٓاْ أَهۡوَآءَهُم} (14)

قوله تعالى : { أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهوآءهم 14 مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم كمن هو خالد في النار وسقوا ماء جميعا فقطع أمعاءهم } .

يميز الله في هذه الآيات بين أهل الحق وأهل الباطل ، فالأولون ضالون ، تائهون موغلون في الفسق والعصيان ، والآخرون مهتدون ساربون على صراط الله المستقيم . فقال سبحانه { أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهوآءهم } الهمزة للإنكار ، والفاء للعطف على مقدر . والبينة بمعنى البرهان والحجة . والمعنى : لايستوي من كان على بصيرة ويقين من أمر الله وأمر دينه القويم وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن زين له سوء عمله وهي عبادة الأصنام وفعل المنكرات والمعاصي وهو أبو جهل ، والذين هم على شاكلته من المشركين المكذبين ، فإن الفريقين لا يستويان . لا يستوي أهل الحق والهدى ، وأهل الباطل والضلال الذين لا يتبعون غير أهوائهم وضلالاتهم وشهواتهم .