تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةٗ تَأۡخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمۡ هَٰذِهِۦ وَكَفَّ أَيۡدِيَ ٱلنَّاسِ عَنكُمۡ وَلِتَكُونَ ءَايَةٗ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ وَيَهۡدِيَكُمۡ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا} (20)

20

المفردات :

المغانم الكثيرة : ما وعد به المؤمنون إلى يوم القيامة .

فعجل لكم هذه : مغانم خيبر .

وكف أيدي الناس عنكم : أيدي قريش بالصلح ، وأيدي أهل خيبر وحلفائها من بني أسد وغطفان ، وأيدي اليهود عن المدينة ، إذ هموا بعيالكم بعد خروج الرسول صلى الله عليه وسلم منها إلى الحديبية ، بأن قذف في قلوبهم الرعب .

آية : علامة وأمارة .

للمؤمنين : أمارة للمؤمنين في نصرهم ، يعرفون بها صدق الرسول صلى الله عليه وسلم في وعدهم بفتح خيبر وبالمغانم وغير ذلك ، ومعرفة المؤمنين الذين سيأتون بعد أن كلاءته تعالى ستمنعهم أيضا ما داموا على الجادة .

الصراط المستقيم : الثقة بفضل الله ، والتوكل عليه ، فيما تأتون وتذرون .

التفسير :

20- { وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا } .

وعد الله المؤمنين إذا استمروا على الجهاد في سبيل الله ، ولإعلاء كلمة الله ، أن يغنموا مغانم كثيرة إلى يوم القيامة ، ومنها ما غنموه في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وما غنموه في حياة خلفائه ، وفي تاريخهم في ماضي حياتهم ، وفي مستقبل حياتهم إن شاء الله ، قال تعالى : { إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد } . ( غافر : 51 ) .

{ فعجل لكم هذه . . . }

عجل لكم فتح خيبر ، مكافأة عاجلة لما أظهرتم يوم الحديبية من البيعة ، ومن طاعة الرسول في الحرب والسلم .

{ وكف أيدي الناس عنكم . . . }

كف أيدي أهل مكة عن قتالكم ، ورغبوا في مصالحتكم ، فرجعتم وافرين سالمين ، وكف أيدي اليهود بالمدينة عن نسائكم وصبيانكم ، بإلقاء الرعب في قلوبهم ، وكف أيدي أهل خيبر وحلفائهم من أسد وغطفان عن قتالكم ، وقذف في قلوبهم الرعب ، فنكصوا على أعقابهم ، وولوا هاربين فزعا وخوفا ، كل ذلك لتشكروه ، { ولتكون آية للمؤمنين . . . } يعرفون منها صدق رسولهم صلى الله عليه وسلم في جميع ما يعدهم به ، وأن الله حافظهم وناصرهم على جميع الأعداء مع قلة العدد .

{ ويهديكم صراطا مستقيما . . . }

ويلهمكم الصواب والتوفيق في سلوك الطريق الأمثل ، الواضح القويم ، الذي يوصلكم إلى ما تبتغون في عزة وأمان .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةٗ تَأۡخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمۡ هَٰذِهِۦ وَكَفَّ أَيۡدِيَ ٱلنَّاسِ عَنكُمۡ وَلِتَكُونَ ءَايَةٗ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ وَيَهۡدِيَكُمۡ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا} (20)

{ وَعَدَكُمُ الله مَغَانِمَ كَثِيرَةً } هي على ما قال ابن عباس . ومجاهد . وجمهور المفسرين ما وعد الله تعالى المؤمنين من المغانم إلى يوم القيامة { تَأْخُذُونَهَا } في أوقاتها المقدرة لكل واحدة منها { فَعَجَّلَ لَكُمْ هذه } أي مغانم خيبر { وَكَفَّ أَيْدِىَ الناس عَنْكُمْ } أيدي أهل خيبر وحلفائهم من بني أسد . وغطفان حين جاءوا لنصرتهم فقذف الله تعالى في قلوبهم الرعب فنكصوا ، وقال مجاهد : كف أيدي أهل مكة بالصلح ، وقال الطبري : كف اليهود عن المدينة بعد خروج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية وإلى خيبر ، وقال زيد بن أسلم وابنه . المغانم الكثيرة الموعودة مغانم خيبر والمعجلة البيعة والتخلص من أمر قريش بالصلح ، والجمهور على ما قدمناه ، والمناسبة لما مر من ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بطريق الخطاب وغيره بطريق الغيبة كقوله تعالى : { لَّقَدْ رَضِيَ الله عَنِ المؤمنين إِذْ يُبَايِعُونَكَ } [ الفتح : 18 ] تقتضي على ما نقل عن بعض الأفاضل أن هذا جار على نهج التغليب وإن احتمل تلوين الخطاب فيه ، وذكر الجلبي في قوله تعالى : { فَعَجَّلَ لَكُمْ هذه } الخ إنه إن كان نزولها بعد فتح خيبر كما هو الظاهر لا تكون السورة بتمامها نازلة في مرجعه صلى الله عليه وسلم من الحديبية وإن كان قبله على أنها من الأخبار عن الغيب فالإشارة بهذه لتنزيل المغانم منزلة الحاضرة المشاهدة والتعبير بالمضي للتحقق انتهى ، واختير الشق الأولى ، وقولهم : نزلت في مرجعه عليه الصلاة والسلام من الحديبية باعتبار الأكثر أو على ظاهره لكن يجعل المرجع اسم زمان ممتد . وتعقب بأن ظاهر الأخبار يقتضي عدم الامتداد وأنها نزلت من أولها إلى آخرها بين مكة والمدينة فلعل الأولى اختيار الشق الثاني ، والإشارة بهذه إلى المغانم التي أثابها إياها المذكورة في قوله تعالى : { وأثابهم فَتْحاً قَرِيباً وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا } [ الفتح : 18 ، 19 ] وهي مغانم خيبر ، وإذا جعلت الإشارة إلى البيعة كما سمعت عن زيد وابنه وروى ذلك عن ابن عباس لم يحتج إلى تأويل نزولها في مرجعه عليه الصلاة والسلام من الحديبية { وَلِتَكُونَ ءايَةً } الضمير المستتر ، قيل : للكف المفهوم من { الذي كَفَّ } والتأنيث باعتبار الخبر ، وقيل : للكفة فأمر التأنيث ظاهر .

وجوز أن يكون لمغانم خيبر المشار إليها بهذه والآية الأمارة أي ولتكون أمارة للمؤمنين يعرفون بها أنهم من الله تعالى بمكان أو يعرفون بها صدق الرسول صلى الله عليه وسلم في وعده إياهم فتح خيبر وما ذكر من المغانم وفتح مكة ودخول المسجد الحرام ، واللام متعلقة إما بمحذوف مؤخر أي ولتكون آية لهم فعل ما فعل أو بما تعلق به علة أخرى محذوفة من أحد الفعلين السابقين أي فعجل لكم هذه أو كف أيدي الناس عنكم لتنتفعوا بذلك ولتكون آية ، فالواو كما في الإرشاد على الأول اعتراضية وعلى الثاني عاطفة ، وعند الكوفيين الواو زائدة واللام متعلقة بكف أو بعجل { وَيَهْدِيَكُمْ } بتلك الآية { صراطا مُّسْتَقِيماً } هو الثقة بفضل الله تعالى والتوكل عليه في كل ما تأتون وتذرون .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةٗ تَأۡخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمۡ هَٰذِهِۦ وَكَفَّ أَيۡدِيَ ٱلنَّاسِ عَنكُمۡ وَلِتَكُونَ ءَايَةٗ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ وَيَهۡدِيَكُمۡ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا} (20)

قوله تعالى : { وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما 20 وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شيء قديرا 21 ولو قاتلكم الذين كفروا لولّوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا 22 سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا 23 وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا } .

المغانم الكثيرة وعد الله المؤمنين بأخذها هي المغانم التي تكون إلى يوم القيامة . وهو قول ابن عباس .

قوله : { فعجل لكم هذه } أي عجل لكم فتح خيبر قبل أن تظفروا بفتح مكة . وقيل : المراد صلح الحديبية .

قوله : { وكف أيدي الناس عنكم } المراد بالناس هنا أهل مكة ، فقد كفهم الله عن المسلمين بالصلح . وقيل : كف أيدي المشركين واليهود عن أهليكم وعيالكم الذين خلفتموهم وراء ظهوركم .

قوله : { ولتكون آية للمؤمنين } أي ليكون كفه أيدي الكافرين عن عيال المسلمين وأهليهم الذين خلفوهم وراء ظهورهم في المدينة ، ورعاية الله لهم من كل أذى ومكروه ، آية وعبرة للمؤمنين فيوقنوا أن الله هو الذي يدفع عنهم الشرور والمكاره وأنه الذي يحوطهم بكلاءته ورعايته . فهو سبحانه الحافظ لعباده المؤمنين أن تنال منهم مكائد المجرمين من أعداء الله والدين .

قوله : { ويهديكم صراطا مستقيما } أي ويرشدكم إلى طريق الحق والسداد . طريق الله المستقيم الذي لا زيغ فيه ولا عوج .