الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةٗ تَأۡخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمۡ هَٰذِهِۦ وَكَفَّ أَيۡدِيَ ٱلنَّاسِ عَنكُمۡ وَلِتَكُونَ ءَايَةٗ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ وَيَهۡدِيَكُمۡ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا} (20)

ثم قال : { وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه } [ 20 ] يعني : غنائم خيبر عجلها الله لأهل بيعة الرضوان بعد منصرفهم من الحديبية سنة ست .

وقيل أول سنة سبع ، وهذه {[63991]} مخاطبة لأهل بيعة الرضوان ( خالصة أنهم ) {[63992]} سيغنمون مغانم كثيرة .

قال مجاهد : هي من لدن نزلت هذه الآية إلى اليوم {[63993]} .

وحكى ابن زيد عن أبيه : أنها مغانم خيبر {[63994]} .

ثم قال : { فعجل لكم هذه } .

قال قتادة : هي {[63995]} غنائم خيبر عجلت ، والمؤخرة كل غنيمة يغنم [ المؤمنون ] {[63996]} من ذلك الوقت إلى أن تقوم الساعة {[63997]} .

وقال ابن عباس {[63998]} : { فعجل لكم هذه } هو {[63999]} الصلح الذي كان بين النبي صلى الله عليه وسلم {[64000]} وقريش {[64001]} ودل على ذلك قوله :

{ وكف أيدي الناس عنكم } أي : وكف أيدي المشركين عنكم أيها المؤمنون بالحديبية .

روي : أن المشركين {[64002]} بعثوا عروة بن مسعود الثقفي {[64003]} {[64004]} إلى النبي صلى الله عليه وسلم {[64005]} لما أتاهم عام الحديبية فأكرم النبي عليه السلام إتيانه وأدناه فقال للنبي صلى الله عليه وسلم {[64006]} : أتريد أن تقسم البيعة التي أعزها الله ، هذه والله قريش لبست ، لك جلود النسور وقلوب السباع تقسم بالله لا تدخل مكة أبدا . هذا خلق على الخيل في كراع {[64007]} الغميم وهذه العوذ المطانيل : يعني النساء التي لهن {[64008]} أطفال ، تتعوذ بالله من إتيانك مكة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا أبا مسعود لم نأت لهذا ، وإنما أتينا معتمرين نحل من عمرتنا ونحر هدينا ، ونرجع إلى بلدنا {[64009]} ، فاذهب إلى أخوانك وأعلمهم ذلك ، فرجع عروة إلى مكة فقال لهم : إني قد {[64010]} رأيت بختنصر في ملكه ، ورأيت كسرى في ملكه {[64011]} ورأيت ملك اليمن ، والله ما رأيت ملك قط مثل محمد في أصحابه ، والله ما تقع منه شعرة إلا صدوها {[64012]} ولا نخامة إلا ابتلعوها والله ليملكن ما فوق رؤوسكم {[64013]} وما تحت أرجلكم ، فابعثوا إليه من يقاضيه على ترك الحرب فيما بينكم وبينه ، فبعثوا {[64014]} وقاضوه على أن يرجع ويعتمر في العام المقبل .

وقال قتادة : كف الله أيدي اليهود عن المدينة حين صار {[64015]} النبي صلى الله عليه وسلم {[64016]} إلى الحديبية وإلى خيبر {[64017]} وهو اختيار الطبري ، لأن كف أيدي المشركين من أهل مكة عن المؤمنين قد ذكره الله بعد هذه الآية ، فقال : { وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة } [ 24 ] فدل أن الكف الأول غير هذا ، فهو كف أيدي اليهود عن المدينة في غيبة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه {[64018]} .

وروي عن ابن عباس والحسن في قوله : { وكف أيدي الناس عنكم } قال : هو عيينة {[64019]} بن حصن الفزاري وقومه وعوف بن مالك {[64020]} النضري ومن معه جاءوا {[64021]} لينصروا أهل خيبر ورسول الله صلى الله عليه وسلم محاصر لهم فألقى الله في قلوبهم الرعب وكفهم عن النبي صلى الله عليه وسلم {[64022]} وأصحابه {[64023]} .

وقوله : { وليكون آية للمؤمنين } أي : ولتكون المغانم ( آية للمؤمنين ودلالة ) {[64024]} على صدق النبي صلى الله عليه وسلم {[64025]} لأنه أخبرهم بما سيكون .

وقال الطبري معناه : وليكون {[64026]} كف أيدي اليهود عن عيالكم عبرة لمؤمنين وهو قول قتادة {[64027]} .

ثم قال : { ويهديكم صراطا مستقيما } أي : ويرشدكم الله {[64028]} أيها المؤمنون طريقا واضحا لا اعوجاج {[64029]} فيه وهو أن تتقوا {[64030]} في أموركم كلها ربكم ، إذ هو الحائط عليكم ولعيالكم .


[63991]:ح: "وهذ".
[63992]:ح: "بضاعة الله".
[63993]:انظر : تفسير مجاهد 608.
[63994]:انظر: جامع البيان 26/56، وتفسير القرطبي 16/278.
[63995]:ع: "هو".
[63996]:ساقط من ح.
[63997]:انظر: جامع البيان 26/56، والدر المنثور 7/525.
[63998]:ساقط من ع.
[63999]:ع: "وهو".
[64000]:ع: "عليه السلام".
[64001]:انظر: جامع البيان 26/56، وتفسير القرطبي 16/278.
[64002]:ع: "والمشركون".
[64003]:ع: "المثقفي" وهو تحريف.
[64004]:عروة بن مسعود بن معتب الثقافي صحابي مشهور، كان كبير في قومه بالطائف، قتله أحد أهل الطائف بسهم. انظر: الاستيعاب 3/1066، والإصابة 2/477، وأنساب العرب 266 – 267، الأعلام 4/227.
[64005]:ع: "عليه السلام".
[64006]:ع: "عليه السلام".
[64007]:كراع الغميم: واد بين الحرمين على مرحلتين من مكة. انظر: الصحاح مادة غمم 5/1998، واللسان 2/1020، والقاموس المحيط 4/157.
[64008]:ع: "لها".
[64009]:ع: "بلادنا".
[64010]:ع: "إني رأيته".
[64011]:ساقط من ع.
[64012]:ع: "إلا مروها".
[64013]:ع: "رؤوسهم".
[64014]:ساقط من ع.
[64015]:ع: "سبار".
[64016]:"عليه السلام".
[64017]:انظر: جامع البيان 26/56.
[64018]:انظر: جامع البيان 26/57.
[64019]:هو عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر، قائد غطفان في غزوة الأحزاب، سمي عيينة لشتر كان في عينيه، أسلم ثم ارتد وآمن بطليحة حين تنبأ، وأخذ أسيرا فمن عليه أبو بكر رضي الله عنه، ولم يزل مظهرا للإسلام على صفوته وهنجعيته ولوثة أعرابية حتى مات. انظر: عنه الروض الأنف 3/276.
[64020]:هو عوف بن مالك بن الأوس، من الأزد: جد جاهلي يقال لبنيه "أهل قباء" كان له من الولد ثعلبة ومالك وأمية وعمرو، ومن بني ثعلبة عبد الله بن جبير الصحابي. انظر: ترجمته في الأعلام للزركلي 5/96.
[64021]:ع: "جاء".
[64022]:ساقط من ع.
[64023]:انظر: البحر المحيط 8/97.
[64024]:ح: "أبة أو دلالة".
[64025]:ع: عليه السلام.
[64026]:ع : "ولتكون".
[64027]:انظر: جامع البيان 26/57، وإعراب النحاس 4/201.
[64028]:ساقط من ع.
[64029]:ع: "لاعوجاج".
[64030]:ح: "تتقوى".