فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةٗ تَأۡخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمۡ هَٰذِهِۦ وَكَفَّ أَيۡدِيَ ٱلنَّاسِ عَنكُمۡ وَلِتَكُونَ ءَايَةٗ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ وَيَهۡدِيَكُمۡ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا} (20)

{ وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها } في هذا وعد منه سبحانه لعباده المؤمنين بما سيفتحه عليهم من الغنائم إلى يوم القيامة يأخذونها في أوقاتها التي قدر وقوعها فيها . وقيل : الإلتفات إلى الخطاب لتشريفهم في مقام الامتنان ، والخطاب لأهل الحديبية { فعجل لكم هذه } أي غنائم خيبر قاله مجاهد وغيره ، وقيل : صلح الحديبية ، وهي في جنب ما وعدهم الله به من الفتوحات ، كالقليل من الكثير .

{ وكف أيدي الناس عنكم } أي أيدي قريش يوم الحديبية بالصلح وقيل : أيدي أهل خيبر وأبصارهم عن قتالكم وقذف في قلوبهم الرعب ، وقال ابن عباس : يعني أهل مكة أن يستحلوا حرم الله ، ويستحل بكم وأنتم حرم وقال قتادة : كف أيدي اليهود عن المدينة بعد خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية وخيبر ورجح هذا ابن جرير ، قال : لأن كف أيدي الناس بالحديبية مذكور في قوله : وهو الذي كف أيديهم عنكم ، وقيل : الناس يعني عيينة بن حصن الفزاري ، وعوف بن مالك النضري ، ومن كان معهما إذ جاؤوا لينصروا أهل خيبر عند حصار النبي صلى الله عليه وسلم لهم .

{ ولتكون آية للمؤمنين } أي فعل ما فعل من التعجيل والكف لتكون آية لهم ، أو وعد ، فعجل وكف لتنتفعوا بذلك ، ولتكون آية . وقيل : إن الواو مزيدة واللام للتعليل ما قبلها أي : وكف لتكون والمعنى ؛ ذلك الكف آية يعلم بها صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع ما يعدكم به ، وقال ابن عباس : أي : سنة لمن بعدكم ، وقيل : عبرة يعرفون بها أنهم من الله عز وجل بمكان ، وأنه ضامن نصرتهم ، والفتح عليهم { ويهديكم صراطا مستقيما } أي : يزيدكم بتلك الآية هدى وبصيرة ويقينا وثقة بفضل الله تعالى ، ويثبتكم على الهداية إلى طريق الحق بصلح الحديبية ، وفتح خيبر ، وقيل : طريق التوكل عليه ، وتفويض الأمر إليه تعالى ، لأن الحاصل من الكف ليس إلا ذلك ، ولأن أصل الهدى حاصل قبله .