البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةٗ تَأۡخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمۡ هَٰذِهِۦ وَكَفَّ أَيۡدِيَ ٱلنَّاسِ عَنكُمۡ وَلِتَكُونَ ءَايَةٗ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ وَيَهۡدِيَكُمۡ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا} (20)

كما جاء بعد { وعدكم الله مغانم كثيرة } بالخطاب .

وهذه المغانم الموعود بها هي المغانم التي كانت بعد هذه ، وتكون إلى يوم القيامة ، قاله ابن عباس ومجاهد وجمهور المفسرين .

ولقد اتسع نطاق الإسلام ، وفتح المسلمون فتوحاً لا تحصى ، وغنموا مغانم لا تعد ، وذلك في شرق البلاد وغربها ، حتى في بلاد الهند ، وفي بلاد السودان في عصرنا هذا .

وقدم علينا حاجاً أحد ملوك غانة من بلاد التكرور ، وذكر عنه أنه استفتح أزيد من خمسة وعشرين مملكة من بلاد السودان ، وأسلموا ، وقدم علينا ببعض ملوكهم يحج معه .

وقيل : الخطاب لأهل البيعة ، وأنهم سيغنمون مغانم كثيرة .

وقال زيد بن أسلم وابنه : المغانم الكثيرة مغانم خيبر ؛ { فعجل لكم هذه } : الإشارة بهذه إلى البيعة والتخلص من أمر قريش بالصلح ، قاله ابن عباس وزيد بن أسلم وابنه .

وقال مجاهد : مغانم خيبر .

{ وكف أيدي الناس عنكم } : أي أهل مكة بالصلح .

وقال ابن عباس عيينة بن حصن الفزاري ، وعوف بن مالك النضري ، ومن كان معهم : إذ جاءوا لينصروا أهل خيبر ، والرسول عليه الصلاة والسلام محاصر لهم ، فجعل الله في قلوبهم الرعب وكفهم عن المسلمين .

وقال ابن عباس أيضاً : أسد وغطفان حلفاء خيبر .

وقال الطبري : كف اليهود عن المدينة بعد خروج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية وإلى خيبر .

{ ولتكون } : أي هذه الكفة آية للمؤمنين ، وعلامة يعرفون بها أنهم من الله تعالى بمكان ، وأنه ضامن نصرهم والفتح عليهم .

وقيل : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة في منامه ، ورؤيا الأنبياء حق ، فتأخر ذلك إلى السنة القابلة ، فجعل فتح خيبر علامة وعنواناً لفتح مكة ، فيكون الضمير في ولتكون عائداً على هذه ، وهي مغانم خيبر ، والواو في ولتكون زائدة عند الكوفيين وعاطفة على محذوف عند غيرهم ، أي ليشكروه ولتكون ، أو وعد فعجل وكف لينفعكم بها ولتكون ، أو يتأخر ، أو يقدر ما يتعلق به متأخراً ، أي فعل ذلك .

{ ويهديكم صراطاً مستقيماً } : أي طريق التوكل وتفويض الأمور إليه .

وقيل : بصيرة واتقاناً .