الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةٗ تَأۡخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمۡ هَٰذِهِۦ وَكَفَّ أَيۡدِيَ ٱلنَّاسِ عَنكُمۡ وَلِتَكُونَ ءَايَةٗ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ وَيَهۡدِيَكُمۡ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا} (20)

قوله تعالى : " وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها " قال ابن عباس ومجاهد . إنها المغانم التي تكون إلى يوم القيامة . وقال ابن زيد : هي مغانم خيبر . " فعجل لكم هذه " أي خيبر ، قاله مجاهد . وقال ابن عباس : عجل لكم صلح الحديبية . " وكف أيدي الناس عنكم " يعني أهل مكة ، كفهم عنكم بالصلح . وقال قتادة : كف أيدي اليهود عن المدينة بعد خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية وخيبر . وهو اختيار الطبري ؛ لأن كف أيدي المشركين بالحديبية مذكور في قوله : " وهو الذي كف أيديهم عنكم " {[14013]} [ الفتح : 24 ] . وقال ابن عباس : في " كف أيدي الناس عنكم " يعني عيينة بن حصن الفزاري وعوف بن مالك النضري ومن كان معهما ، إذ جاؤوا لينصروا أهل خيبر والنبي صلى الله عليه وسلم محاصر لهم ، فألقى الله عز وجل في قلوبهم الرعب وكفهم عن المسلمين " ولتكون آية للمؤمنين " أي ولتكون هزيمتهم وسلامتكم آية للمؤمنين ، فيعلموا أن الله يحرسهم في مشهدهم ومغيبهم . وقيل : أي لتكون كف أيديهم عنكم آية للمؤمنين . وقيل : أي ولتكون هذه التي عجلها لكم آية للمؤمنين على صدقك حيث وعدتهم أن يصيبوها . والواو في " ولتكون " مقحمة عند الكوفيين . وقال البصريون : عاطفة على مضمر ، أي وكف أيدي الناس عنكم لتشكروه ولتكون آية للمؤمنين . " ويهديكم صراطا مستقيما " أي يزيدكم هدى ، أو يثبتكم على الهداية .


[14013]:آية 24 من هذه السورة.