فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةٗ تَأۡخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمۡ هَٰذِهِۦ وَكَفَّ أَيۡدِيَ ٱلنَّاسِ عَنكُمۡ وَلِتَكُونَ ءَايَةٗ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ وَيَهۡدِيَكُمۡ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا} (20)

{ وَعَدَكُمُ الله مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا } في هذا وعد منه سبحانه لعباده المؤمنين بما سيفتحه عليهم من الغنائم إلى يوم القيامة يأخذونها في أوقاتها التي قدّر وقوعها فيها { فَعَجَّلَ لَكُمْ هذه } أي غنائم خيبر ، قاله مجاهد وغيره ، وقيل : صلح الحديبية { وَكَفَّ أَيْدِيَ الناس عَنْكُمْ } أي وكفّ أيدي قريش عنكم يوم الحديبية بالصلح ، وقيل : كفّ أيدي أهل خيبر وأنصارهم عن قتالكم وقذف في قلوبهم الرعب . وقال قتادة : كفّ أيدي اليهود عن المدينة بعد خروج النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية وخيبر ، ورجح هذا ابن جرير ، قال : لأن كفّ أيدي الناس بالحديبية مذكور في قوله : { وَهُوَ الذي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ } وقيل : كَفَّ أَيْدِيَ الناس عَنْكُمْ يعني : عيينة بن حصن الفزاري ، وعوف بن مالك النضري ومن كان معهما ، إذ جاءوا لينصروا أهل خيبر عند حصار النبيّ صلى الله عليه وسلم لهم { وَلِتَكُونَ ءايَةً لّلْمُؤْمِنِينَ } اللام يجوز أن تتعلق بفعل محذوف يقدّر بعده : أي فعل ما فعل من التعجيل والكفّ لتكون آيةً ، أو على علة محذوفة تقديرها : وعد فعجل وكفّ ؛ لتنتفعوا بذلك ؛ ولتكون آية . وقيل : إن الواو مزيدة واللام لتعليل ما قبله : أي وكفّ لتكون ؛ والمعنى : ذلك الكفّ آية يعلم بها صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع ما يعدكم به { وَيَهْدِيَكُمْ صراطا مُّسْتَقِيماً } أي يزيدكم بتلك الآية هدى ، أو يثبتكم على الهداية إلى طريق الحقّ .

/خ24