قل أرأيتم : أخبروني ماذا تكون حالكم .
إن كان من عند الله : إن كان القرآن من عند الله .
وشهد شاهد : وشهد عبد الله بن سلام .
على مثله : على مثل ما في القرآن من التوراة من المعاني المصدقة للقرآن المطابقة له ، أو شهد على مثل ذلك وهو كون القرآن من عند الله .
واستكبرتم : تكبرتم عن الإيمان ، ألستم ظالمين ؟
10 – { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآَمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } .
كان عبد الله بن سلام من أحبار اليهود ، ولما جاء النبي صلى الله عليه وسلم مهاجرا إلى المدينة جاء إليه عبد الله ابن سلام ، وقال : لما نظرت إلى وجه النبي صلى الله عليه وسلم قلت : ما هذا بوجه كذاب ، ثم سأل النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أسئلة لا يعلمها إلا نبي :
الثاني : ما أول طعام يأكله أهل الجنة ؟
الثالث : ما بال الولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمه ؟
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب ، وأما أول طعام أهل الجنة فزيادة كبد الحوت ، وأما الولد فإذا سبق ماء الرجل نزعه ، وإذا سبق ماء المرأة نزعته ) ، فقال : أشهد أنك رسول الله حقا17 .
أخبروني يا معشر المشركين ، إن كان هذا القرآن من عند الله في الحقيقة ، وأعلنتم كفركم به ، ثم شهد شاهد من أهل الكتاب على صدق القرآن ، وصدق محمد صلى الله عليه وسلم ، وشهد أن القرآن منزل من عند الله ، وأن القرآن مماثل لما بشرت به التوراة ، ثم آمن هذا الشاهد بالقرآن والإسلام ، وصدق محمد صلى الله عليه وسلم ، واستكبرتم عن الإيمان بالله ، ألستم ظالمين خاسرين ؟
ما ظنكم أن الله صانع بكم إن كان القرآن الذي أنزل علي من عند الله ، وقد كفرتم به وكذبتموه ، مع أن شاهدا من بني إسرائيل قد شهد أن القرآن مماثل لما في التوراة ، وأن في التوراة بشارة بالنبي محمد ، فآمن هذا الشاهد ودخل في الإسلام ، واستكبرتم عن الدخول فيه ، ألستم ظالمين ؟
إذن فاعلموا : { إن الله لا يهدي القوم الظالمين } . أي : لا يوفقهم إلى الهدى والإيمان .
وجمهور المفسرين على أن الآية نزلت في عبد الله بن سلام ، لكن عبد الله بن سلام لم يدخل في الإسلام إلا في المدينة بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إليها ، وسورة الأحقاف مكية ، لذلك قال علماء القرآن : هذه الآية مدنية نزلت بالمدينة ، أمر الله أن توضع في سورة مكية ، وكان صلى الله عليه وسلم إذا نزلت عليه الآية قال : ( ضعوا هذه الآية في سورة كذا ) ، وعنوان السورة مكتوب في المصحف هكذا : ( سورة الأحقاف مكية ، إلا الآيات : 10 ، 15 ، 35 فمدنية ) .
وأفاد الإمام القرطبي في تفسير الآية أن جمهور المفسرين على أنه عبد الله بن سلام ، وقد نزل فيه قوله تعالى : { قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب } . ( الرعد : 43 ) .
وبعض المفسرين ذكر أن الشاهد من بني إسرائيل هو موسى عليه السلام ، فقد بشر برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وذكرت التوراة صفة محمد صلى الله عليه وسلم اه .
ويمكن لنا أن نقول : إن موسى عليه السلام بشر برسالة محمد ، كما وردت صفته في التوراة ، كما صدق برسالة محمد بعض علماء بني إسرائيل في المدينة ، فأراد الله أن يزلزل إصرار أهل مكة على الكفر ، فأخبرهم بأن هذا كتاب صادق ، وأن محمدا نبي صادق ، قد أيده موسى رسول الله ، وسيؤيده بعض علماء بني إسرائيل ، وتكون الآية من المبشرات .
وقد أفاد القاسمي في تفسيره ( محاسن التأويل ) أن الآية من باب الإخبار قبل الوقوع ، كقوله تعالى : { ونادى أصحاب الأعراف . . . } ( الأعراف : 48 ) .
ويرشحه أن الفعل : { وشهد } ، معطوف على الشرط الذي يصير به للماضي مستقبلا ، فلا ضير في شهادة الشاهد بعد نزولها ، ويكون تفسيره بها بيانا للواقع ، أي أن الآية يمكن أن تنطبق على إسلام عبد الله بن سلام في المستقبل18 .
{ قُلْ أَرَءيْتُمْ إِن كَانَ } أي ما يوحى إلي من القرآن ، وقيل : الضمير للرسول ، وفيه أن الظاهرة لو كان المعنى عليه كنت { مِنْ عِندِ الله } لا سحراً ولا مفتري كما تزعمون { وَكَفَرْتُمْ بِهِ } الواو للحال والجملة حال بتقدير قد على المشهور من الضمير في الخبر وسطت بين أجزاء الشرط اهتماماً بالتسجيل عليهم بالكفر أو للعطف على { كَانَ } كما في قوله تعالى : { قُلْ أَرَءيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ الله ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ } [ فصلت : 52 ] وكذا الواو في قوله تعالى : { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مّن بَنِى إسرائيل } إلا أنها تعطفه بماعطف عليه على جملة ما قبله ، فالجمل المذكورات بعد الواوات ليست متعاطفة على نسق واحد بل مجموع { شَهِدَ } { قُلْ أَرَءيْتُمْ } معطوف على مجموع { كَانَ } وما معه ، مثله في المفردات { هُوَ الاول والاخر والظاهر والباطن } [ الحديد : 3 ] والمعنى أن اجتمع كونه من عند الله تعالى مع كفركم واجتمع شهادة الشاده فإيمانه مع استكباركم عن الإيمان ، وسيأتي إن شاء الله تعالى الكلام في جواب الشرط وفي مفعولي { أَرَءيْتُمْ } وضمير { بِهِ } عائد على ما عاد عليه اسم كان وهو ما يوحي من القرآن أو الرسول ، وعن الشعبي أنه للرسول ، ولعله يقول في ضمير { كَانَ } أيضاً كذلك وكذا في ضمير { على مِثْلِهِ } لئلا يلزم التفكيك . وأنت تعلم أن الظاهر رجوع الضمائر كلها للقرآن ، وتنوين { شَاهِدٌ } للتفخيم ، وكذا وصفه بالجار والمجرور أي وشهد شاهد عظيم الشأن من بني إسرائيل الواقفين على شؤن الله تعالى وأسرار الوحي بما أوتوا من التوراة على مثل القرآن من المعاني المنطوية في التوراة من التوحيد والوعد والوعيد وغير ذلك فإنها في الحقيقة عين ما فيه كما يعرب عنه قوله تعالى : { وَإِنَّهُ لَفِى زُبُرِ الاولين } [ الشعراء : 196 ] على وجه ، وكذا قوله سبحانه : { إِنَّ هذا لَفِى الصحف الاولى } [ الأعلى : 18 ] والمثلية باعتبا رتأديتها بعبارات أخرى أو على مثل ما ذكر من كونه من عند الله تعالى والمثلية لما ذكر ، وقيل : على مثل شهادته أي لنفسه بأنه من عند الله تعالى كأنه لإعجازه يشهد لنفسه بذلك ، وقيل مثل كناية عن القرآن نفسه للمبالغة ، وعلى تقدير كون الضمير للرسول صلى الله عليه وسلم فسر المثل بموسى عليه السلام .
/ والفاء في قوله تعالى : { فَئَامَنَ } أي بالقرآن للسببية فيكون إيمانه مترتباً على شهادته له بمطابقته للوحي ، ويجوز أن تكون تفصيلية فيكون إيمانه به هو الشهادة له ، والمعنى على تقدير أن يراد فآمن بالرسول صلى الله عليه وسلم ظاهر بأدنى التفاوت ، وقوله تعالى : { واستكبرتم } أي عن الإيمان معطوف على ما أشرنا إلليه { شَهِدَ شَاهِدٌ } وجوز كونه معطوفاً على { مِن } لأنه قسيمه ويجعل الكل معطوفاً على الشرط ، ولا تكرار في { استكبرتم } لأن الاستكبار بعد الشهادة والكفر قبلها ، وقوله تعالى : { إِنَّ الله لاَ يَهْدِى القوم الظالمين } أي الموسومين بهذا الوصف ، استئناف بياني في مقام التعليل للاستكبار عن الإيمان ، ووصفهم بالظلم للاشعار بعلة الحكم فتشعر هذه الجملة بأن كفرهم به لضلالهم المسبب عن ظلمهم وهو دليل جواب الشرط ولذا حذف ومفعولاً { أَرَءيْتُمْ } محذوفان أيضاً لدلالة المعنى عليهما ، والتقدير أرأيتم حالكم إن كان كذا فقد ظلمتم ألستم ظالمين ، فالمفعول الأول حالكم والثاني ألستم ظالمين ، والجواب فقد ظلمتم ، وقال ابن عطية : في { أَرَأيْتُمْ } يحتمل أن تكون منبهة فهي لفظ موضوع للسؤال لا تقتضي مفعولاً ، ويحتمل أن تكون جملة { إِن كَانَ } الخ سادة مسد مفعوليها ، وهو خلاف ما قرره محققو النحاة في ذلك .
وقدر الزمخشري الجواب ألستم ظالمين بغير فاء . ورده أبو حيان بأن الجملة الاستفهامية إذا وقعت جواباً للشرط لزمها الفاء فإن كانت الأداة الهمزة تقدمت على الفاء وإلا تأخرت ، ولعله تقدير معنى لا تقدير إعراب ، وقدره بعضهم أفتؤمنون لدلالة { فَئَامَنَ } وقدره الحسن فمن أضل منكم لقوله تعالى : { قُلْ أَرَأيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ الله ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِى شِقَاقٍ بَعِيدٍ } [ فصلت : 52 ] وقوله سبحانه : { إِنَّ الله لاَ يَهْدِى القوم الظالمين } وقيل : التقدير فمن المحقق منا ومنكم ومن المبطل ؟ وقيل : تهلكون ، وقيل : هو { قُلْ أَرَءيْتُمْ } أي فقد آمن محمد صلى الله عليه وسلم به أو الشاهد واستكبرتم أنتم عن الإيمان ، وأكثرها كما ترى .
والشاهد عبد الله بن سلام رضي الله تعالى عنه عند الجمهور . وابن عباس . والحسن . ومجاهد . وقتادة . وابن سيرين . والضحاك . وعكرمة في رواية ابن سعد . وابن عساكر عنه . وفي «الكشف » في جعله شاهداً والسورة مكية بحث ولهذا استثنيت هذه الآية ، وتحقيقه أنه نزل ما سيكون منزلة الواقع ولهذا عطف { شَهِدَ } وما بعده على قوله تعالى : { كَانَ مِنْ عِندِ الله وَكَفَرْتُمْ } ليعلم أنه مثله في التحقيق فيكون على أسلوب قوله سبحانه : { كَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَى المقتسمين } [ الحجر : 90 ] أي أنذر قريشاً مثل ما أنزلناه على يهود بني قريظة وقد أنزل عليهم بعد سبع سنين من نزول الآية ، ومصب الإلزام في قوله تعالى : { فَئَامَنَ } كأنه قيل : أخبروني إن يؤمن به عالم من بني إسرائيل أي عالم لما تحقق عنده أنه مثل التوراة ألستم تكونون أضل الناس ، ففي الدلالة على أنه مثل التوراة يجب الإيمان به شهد ذلك الشاهد أو لم يشهد لأن تلك الشهادة يعقبها الإيمان من غير مهلة فلو لم يؤمن لم يكن عالماً بما في التوراة ؛ وهذا يصلح جواباً مستقلاً من غير نظر إلى الأول فافهم ، وقول من قال : الشاهد عبد الله على هذا بيان للواقع وأنه كان ممن شهد وآمن لا أن المراد بلفظ الآية عبد الله خصوصاً ، وعلى الوجهين لا بد من تأويل من قول سعد ، وقد تقدم في حديث الشيخين وغيرهما وفيه نزل { وَشَهِدَ شَاهِدٌ } بأن المراد في شأنه الذي سيحدث على الأول أو فيه وفيمن هو على حاله كأنه قيل : هو النازلين فيه لأنه كان من الشاهدين انتهى .
وتعقب قوله : إنه نزل ما سيكون منزلة الواقع بأنه لا حاجة إلى ذلك التنزيل على تقدير مكيتها ، وكون الشاهد ابن سلام المكان العطف على الشرط الذي يصير به الماضي مستقبلاً وحينئذ لا ضير في شهادة الشاهد بعد نزولها ، ومع هذا فالظاهر من الأخبار أن النزول كان في المدينة وأنه بعد شهادة ابن سلام . أخرج أبو يعلى . والطبراني والحاكم بسند صحيح عن عوف بن مالك الأشجعي قال : انطلق النبي صلى الله عليه وسلم وأنا معه حتى دخلنا كنيسة اليهود يوم عيدهم فكرهوا دخولنا عليهم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : أروني اثني عشر رجلاً منكم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله يحبط الله تعالى عن كل يهودي تحت أديم السماء الغضب الذي عليه فسكتوا فما أجابه منهم أحد ثم رد عليهم عليه الصلاة والسلام فلم يجبه أحد فثلث فلم يجبه أحد فقال : أبيتم فوالله لأنا الحاشر وأنا العاقب وأنا المقفى آمنتم أو كذبتم ثم انصرف صلى الله عليه وسلم وأنا معه حتى كدنا أن نخرج فإذا رجل من خلفه فقال : كما أنت يا محمد فأقبل فقال ذلك الرجل : أي رجل تعلموني فيكم يا معشر اليهود ؟ قالوا : والله ما نعلم فينا رجلاً أعلم بكتاب الله تعالى ولا أفقه منك ولا من أبيك ولا من جدك قال : فإني أشهد بالله أنه النبي الذي تجدونه في التوراة والإنجيل فقالوا : كذبت ثم ردوا عليه وقالوا شراً فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا وابن سلام فأنزل الله تعالى : { قُلْ أَرَأيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ الله وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مّن بَنِى إسراءيل } الآية ، وروى حديث شهادته وإيمانه على وجه آخر ، ولا يظهر لي الجمع بينه وبين ما ذكر ، وهو أيضاً ظاهر في كون النزول بعد الشهادة . وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال : جاء ميمون بن يامين إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكان رأس اليهود بالمدينة فأسلم وقال : يا رسول الله ابعث إليهم يعني اليهود فاجعل بينك وبينهم حكماً من أنفسهم فإنهم سيرضوني فبعث عليه الصلاة والسلام إليهم وأدخله الداخل فأتوه فخاطبوه ملياً فقال لهم : اختاروا رجلاً من أنفسكم يكون حكماً بيني وبينكم قالوا : فإنا قد رضينا بميمون بن يامين فأخرجه إليهم فقال لهم ميمون : لنشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه على الحق فأبوا أن يصدقوه فأنزل الله تعالى فيه { قُلْ أَرَأيْتُمْ } الآية ، وهو ظاهر في مدنية الآية وأن نزولها قبل شهادة الشاهد لكنه ظاهر في أن الشاهد غير عبد الله بن سلام ، وكونه كان يسمى بذلك قبل لم أره ، ولا يظهر لي وجه التعبير به دون المشهود إن كان ، والذي رأيته في الاستيعاب في ترجمة عبد الله ابن سلام بن الحرث الإسرائيلي الأنصاري يكنى أبا يوسف وكان اسمه في الجاهلية الحصين فلما أسلم سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله والله تعالى أعلم .
ومن كذب اليهود وجهلهم بالتاريخ ما يعتقدونه في عبد الله بن أنه صلى الله عليه وسلم حين سافر إلى الشام في تجارة لخديجة رضي الله تعالى عنها اجتمع بأحبار اليهود وقص عليهم أحلامه فعلموا أنه صابح دولة فأصحبوه عليه السلام سلام وبقي معه مدة فتعلم منه علم الشرائع والأمم السالفة وأفرطوا في الكذب إلى أن نسبوا القرآن المعجز إلى تأليف عبد الله بن سلام وعبد الله هذا مما ليس له إقامة بمكة ولا تردد إليها ، ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم إلا في المدينة وأسلم إذ قدمها عليه الصلاة والسلام أو قبل وفاته صلى الله عليه وسلم بعامين على ما حكاه في «البحر » عن الشعبي ، فما أكذب اليهود وأبهتهم لعنهم الله تعالى ، وناهيك من طائفة ما ذم في القرآن طائفة مثلها .
وأخرج سعيد بن منصور . وابن جرير . وابن المنذر عن مسروق أن الشاهد هو موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام ، وقد تقدم أنه كان يدعي مكية الآية وينكر نزولها في ابن سلام ويقول : إنما كانت خصومة خاصم بها محمد صلى الله عليه وسلم ، وكأنه على هذا لا يحتاج إلى القول بأنها نزلت بخصوص شاهد ، وأيد عدم إرادة الخصوص بأن { شَاهِدٌ } في الآية نكرة والنكرة في سياق الشرط تعم ، وأنا أقول : بكون التنوين في { شَاهِدٌ } للتعظيم وبمدنية الآية ونزولها في ابن سلام ، والخطابات فيها مطلقاً لكفار مكة ، وربما يظن على بعض الروايات أنها لليهود وليس كذلك ، وهم المعنيون أيضاً بالذين كفروا في قوله تعالى : { وَقَالَ الذين كَفَرُواْ } .
{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ } أي : أخبروني لو كان هذا القرآن من عند الله وشهد على صحته الموفقون من أهل الكتاب الذين عندهم من الحق ما يعرفون أنه الحق فآمنوا به واهتدوا فتطابقت أنباء الأنبياء وأتباعهم النبلاء واستكبرتم أيها الجهلاء الأغبياء فهل هذا إلا أعظم الظلم وأشد الكفر ؟ { إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } ومن الظلم الاستكبار عن الحق بعد التمكن منه .