ثم قرر أنه لا أظلم منهم فقال { قل أرأيتم } الآية . وقد مر نظيره في آخر " حم السجدة " إلا أنه زاد هاهنا حديث الشاهد وفيه أقوال : أحدها أنه عبد الله بن سلام لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة نظر إلى وجهه وتأمله فتحقق أنه النبي المنتظر فآمن به . وعن سعد بن أبي وقاص : ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشي على الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام وفيه نزل { وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله } على مثل القرآن . والمعنى وهو ما في التوراة من المعاني المطابقة للقرآن من التوحيد والمعاد . وعلى هذا فقوله { على مثله } يتعلق بشاهد أي ويشهد على صحة القرآن . ويجوز أن يعود الضمير في { مثله } إلى المذكور وهو كونه من عند الله ، فيكون الجار متعلقاً ب { شهد } قال جار الله : الواو الأخيرة عاطفة { لاستكبرتم } على { شهد } وأما الواو في { وشهد } فقد عطفت جملة قوله { وشهد } إلى آخره على جملة قوله { كان من عند الله وكفرتم به } والمعنى أخبروني إن اجتمع كون القرآن من عند الله مع كفركم به واجتمع شهادة أعلم بني إسرائيل على نزول مثله وإيمانه به مع استكباركم عنه ، ألستم أضل الناس وأظلمهم ؟ يدل على هذا الجواب المحذوف قوله { إن الله لا يهدي القوم الظالمين } قلت : هذا كلام حسن . ويجوز أن يكون قوله { واستكبرتم } معطوفاً على قوله { فآمن } . ويجوز أن يكون الواو في { وشهد } للحال بإضمار " قد " . قال : وقد جعل الإيمان في قوله { فآمن } مسبباً عن الشهادة لأنه لما علم أن مثله أنزل على موسى وأنصف من نفسه اعترف بصحته وآمن . القول الثاني ما ذكر الشعبي في جماعة أن السورة مكية وقد أسلم ابن سلام بالمدينة ، فالشاهد هو موسى وشهادته هو ما في التوراة من بعث محمد صلى الله عليه وسلم وإيمانه تصديقه ذلك .
القول الثالث أن الشاهد ليس شخصياً معيناً وتقدير الكلام لو أن رجلاً منصفاً عارفاً بالتوراة أقر بذلك واعترف به ثم آمن بمحمد واستكبرتم أنتم ، ألم تكونوا ظالمين ضالين ؟ والمقصود أنه ثبت بالمعجزات القاهرة أن هذا الكتاب هو من عند الله ، وثبت بشهادة الثقات أن التوراة مشتملة على البشارة بمقدم النبي صلى الله عليه وسلم ، ومع ثبوت هذين الأمرين كيف يليق بالعاقل إنكار نبوته ؟
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.