قوله : { قُلْ أَرَءيْتُمْ } أي أخبروني { إِن كَانَ مِنْ عِندِ الله } يعني : ما يوحى إليه من القرآن ، وقيل المراد : محمد صلى الله عليه وسلم ، والمعنى : إن كان مرسلاً من عند غير الله ، وقوله : { وَكَفَرْتُمْ بِهِ } في محل نصب على الحال بتقدير قد ، وكذلك قوله : { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مّن بَنِى إسراءيل على مِثْلِهِ } والمعنى : أخبروني إن كان ذلك في الحقيقة من عند الله والحال أنكم قد كفرتم به ، وشهد شاهد من بني إسرائيل العالمين بما أنزل الله في التوراة على مثله ، أي القرآن من المعاني الموجودة في التوراة ، المطابقة له من إثبات التوحيد ، والبعث والنشور وغير ذلك . وهذه المثلية هي باعتبار تطابق المعاني ، وإن اختلفت الألفاظ . وقال الجرجاني : مثل صلة ، والمعنى : وشهد شاهد عليه أنه من عند الله ، وكذا قال الواحدي : { فَئَامَنَ } الشاهد بالقرآن لما تبين له أنه من كلام الله ، ومن جنس ما ينزله على رسله ، وهذا الشاهد من بني إسرائيل هو عبد الله بن سلام ، كما قال الحسن ، ومجاهد ، وقتادة ، وعكرمة وغيرهم ، وفي هذا نظر فإن السورة مكية بالإجماع ، وعبد الله بن سلام كان إسلامه بعد الهجرة ، فيكون المراد بالشاهد : رجلاً من أهل الكتاب قد آمن بالقرآن في مكة وصدقه ، واختار هذا ابن جرير ، وسيأتي في آخر البحث ما يترجح به أنه عبد الله بن سلام ، وأن هذه الآية مدنية لا مكية . وروي عن مسروق أن المراد بالرجل : موسى عليه السلام ، وقوله : { واستكبرتم } معطوف على شهد : أي آمن الشاهد واستكبرتم أنتم عن الإيمان { إِنَّ الله لاَ يَهْدِى القوم الظالمين } فحرمهم الله سبحانه الهداية لظلمهم لأنفسهم بالكفر بعد قيام الحجة الظاهرة على وجوب الإيمان ، ومن فقد هداية الله له ضلّ .
وقد اختلف في جواب الشرط ماذا هو ؟ فقال الزجاج : محذوف ، تقديره : أتؤمنون ، وقيل قوله : { فآمن واستكبرتم } وقيل : محذوف ، تقديره : فقد ظلمتم لدلالة { إِنَّ الله لاَ يَهْدِى القوم الظالمين } عليه ، وقيل تقديره : فمن أضلّ منكم ، كما في قوله : { أَرَءيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ الله ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أضل } الآية [ فصلت : 52 ] . وقال أبو علي الفارسي تقديره : أتأمنون عقوبة الله ؟ وقيل : التقدير : ألستم ظالمين ؟
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.