فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن كَانَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ وَكَفَرۡتُم بِهِۦ وَشَهِدَ شَاهِدٞ مِّنۢ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ عَلَىٰ مِثۡلِهِۦ فَـَٔامَنَ وَٱسۡتَكۡبَرۡتُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (10)

{ قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله }

أمر من الله تعالى لنبيه ليحاجّ المشركين : أخبروني أيّ رشد فيكم إذا كان هذا القرآن- الذي تصفونه بأنه سحر مبين- وهذا كتاب من عند الله وقد آمن موسى- وهو من بني إسرائيل- بكتاب سماوي مثل القرآن : ألا وهو التوراة فكيف تكفرون أنتم بما جاءكم من الحق ؟ {[4605]}

نقل بعض المفسرين أن الشاهد ليس شخصا معينا ؛ وتقدير الكلام : لو أن رجلا منصفا عارفا بالتوراة أقرّ بذلك واعترف به ثم آمن بمحمد واستكبرتم أنتم ألم تكونوا ظالمين ضالين ؟ ! والمقصود أنه ثبت بالمعجزات القاهرة أن هذا الكتاب هو من عند الله ، وثبت بشهادة الثقات أن التوراة مشتملة على البشارة بمقدم النبي صلى الله عليه وسلم ، ومع ثبوت هذين الأمرين كيف يليق إنكار نبوته ؛ ثم قالوا ما حاصله : [ الشاهد ] اسم جنس ، وذلك المعنى عام . كما في قوله تعالى : { وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين }{[4606]} وكذا قوله تبارك اسمه : { إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا . ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا }{[4607]} .

لكن طائفة منهم ذهبوا إلى أن الشاهد هو عبد الله بن سلام- وكان من علماء اليهود-بدليل ما جاء في الصحيحين عن مالك عن أبي النضر عن عامر بن سعد عن أبيه قال : ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشي على وجه الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام رضي الله عنه ، وفيه نزلت{ وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله } .

{ فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين( 10 ) } .

فآمن بالهدى من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ؛ وكبر عليكم أن تذعنوا لآيات ربكم لما جاءتكم ؛ وحملكم الكبر على العناد والفساد والكفر ، ومن يكفر فهو أظلم الظالمين { . . إن الشرك لظلم عظيم }{[4608]} .


[4605]:سورة القصص .الآية 53.
[4606]:سورة الإسراء. من الآية 107والآية 108.
[4607]:?????
[4608]:سورة لقمان. من الآية 13.