تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{يَٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثۡقَالَ حَبَّةٖ مِّنۡ خَرۡدَلٖ فَتَكُن فِي صَخۡرَةٍ أَوۡ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَوۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَأۡتِ بِهَا ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٞ} (16)

{ يا بني إنها أن تك مثقال حبة خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير( 16 ) يا بني أقم الصلواة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور( 17 ) ولا تصغر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور( 18 ) واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير( 19 ) }

المفردات :

إنها : أي الخصلة من الإساءة أو الإحسان .

إن تك : أي إن تكن في الصغر قدر حبة الخردل مثلا .

مثقال : المثقال ما يقدر به غيره لتساوى ثقلهما وهو في العرف معلوم وزنه .

يأت بها الله : يحضرها فيحاسب عليها .

لطيف : يصل علمه إلى كل خفي .

خبير : عالم بكنهه .

التفسير :

{ يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير . }

هذه وصايا نافعة قد حكاها الله تعالى عن لقمان الحكيم ليمتثلها الناس ويقتدوا بها فقال :

{ يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل . . . }

أي : إن المظلمة أو الخطيئة لو كانت في الصغر قدر حبة الخردل مثلا وكانت مع ذلك في أخفى مكان وأحرزه كجوف الصخرة أو بعيدة في السماء أو قريبة في الأرض .

{ يأت بها الله . . . . }

يحضرها الله يوم القيامة ، حين يضع الموازين القسط ويجازي عليها إن خيرا فخيرا وإن شرا فشر .

قال تعالى : ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين . ( الأنبياء ك 47 ) .

وقوله تعالى { يأت بها الله . . . } إما على ظاهره أو معناه : بمعنى يحضر ثوابها وجزائها ويجعلها كالحاضر المشاهد للتذكير والاعتراف بها .

{ إن الله لطيف خبير } يصل علمه إلى كل خفي فلا تخفى عليه الأشياء وإن دقت ولطفت واستترت .

خبير : عالم بكنهه ومستقره عالم بدبيب النمل في الليل البهيم .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{يَٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثۡقَالَ حَبَّةٖ مِّنۡ خَرۡدَلٖ فَتَكُن فِي صَخۡرَةٍ أَوۡ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَوۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَأۡتِ بِهَا ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٞ} (16)

قوله تعالى : { يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ( 16 ) يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ( 17 ) وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ( 18 ) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ } .

هذه جملة وصايا جيدة وسديدة أخبر الله بها عن لقمان ؛ إذ أوصى بها ابنه ؛ لتكون تذكرة وعبرة للناس . لا جرم أنها وصايا نافعة وجليلة ومؤثرة ، حقيقة بدوام التفكر والتدبر .

والضمير في قوله : { إنها } يراد المعصية والخطيئة . يعني إن تكن المعصية في بساطتها في وزن الحبة من الخردل وهي غاية الصغر { فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ } يعني إن تكن هذه الخطيئة الصغيرة التي في وزن الخردلة مخبوءة في جوف صخرة لا يدري بها أحد من الخلق ، أو تكن مستورة في أطواء السماء أو في طباق الأرض أو مجاهل الفضاء { يَأْتِ بِهَا اللَّهُ } أي يظهرها الله يوم القيامة حينما يضع الموازين القسط ، فيجازي كلا من عباده بما عمل إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا .

قوله : { إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ } الله لطيف لا تخفى عليه الخوافي ، مهما دقت وصغرت . نقول : لطف الشيء أي صغر فهو لطيف{[3650]} و { خَبِيرٌ } أي عليم بكل شيء .


[3650]:مختار الصحاح ص 598.