بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثۡقَالَ حَبَّةٖ مِّنۡ خَرۡدَلٖ فَتَكُن فِي صَخۡرَةٍ أَوۡ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَوۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَأۡتِ بِهَا ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٞ} (16)

ثم رجع إلى حديث لقمان فقال : { يا بني إنها إِن تَكُ } قال مقاتل : وذلك أن ابن لقمان قال لأبيه : يا أبتاه إن عملت بالخطيئة حيث لا يراني أحد ، فكيف يعلمها الله سبحانه وتعالى . فرد عليه لقمان وقال : { يا بني إِنَّهَا إِن تَكُ } يعني : الخطيئة { إِن تَكُ } { مِثْقَالَ حَبَّةٍ مّنْ خَرْدَلٍ } يعني : وزن خردلة { فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ } أي : الصخرة التي هي أسفل الأرضين . وقال بعضهم : أراد بها كل صخرة ، لأنه قال بلفظ النكرة . يعني : ما في جوف الصخرة الصماء . وقال مقاتل : هي الصخرة التي في أسفل الأرض ، وهي خضراء مجوفة .

ثم قال : { أَوْ فِي السماوات أَوْ فِي الأرض يَأْتِ بِهَا الله } يعني : يجازي بها الله . ويقال : { يَأْتِ بِهَا الله } عند الميزان ، فيجازيه بها . ويقال : هذا مثل لأعمال العباد { يَأْتِ بِهَا الله } يعني : يعطيه ثوابها عز وجل كقوله : { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ } [ الزلزلة : 7 ] يعني : يرى ثوابه . قرأ نافع { مِثْقَالَ } بضم اللام . وقرأ الباقون : بالنصب . فمن قرأه بالضم جعله اسم يكن . ومن قرأ بالنصب جعله خبراً . والاسم فيه مضمر ومعناه : إن تكن صغيرة قدر مثقال حبة . وإنما قال : { إن تكن } بلفظ التأنيث لأن المثقال أضيف إلى الحبة . فكان المعنى للحبة . وقيل : أراد به الخطيئة . ومن قرأ : بالضم جعله اسم تكن .

ثم قال : { إِنَّ الله لَطِيفٌ خَبِيرٌ } يعني : { لطيف } باستخراج تلك الحبة ، { خبير } بمكانها . وقال أهل اللغة : اللطيف في اللغة يعبر به عن أشياء . يقال للشيء الرقيق وللشيء الحسن : لطيف . وللشيء الصغير ؛ لطيف . ويقال للمشفق : لطيف .