النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{يَٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثۡقَالَ حَبَّةٖ مِّنۡ خَرۡدَلٖ فَتَكُن فِي صَخۡرَةٍ أَوۡ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَوۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَأۡتِ بِهَا ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٞ} (16)

قوله تعالى : { يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مّنْ خَرْدَلٍ } وهذا مثل مضروب لمثقال حبة من خردل . قال قتادة : من خير أو شر .

{ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ } فيها قولان :

أحدهما : أنها الصخرة التي تحت الأرض السابعة قاله الرُبَيعُ بن أنس والسدي . قال عبد الله بن الحارث وهي صخرة خضراء على ظهر الحوت . قال الثوري : بلغنا أن خضرة السماء من تلك الصخرة ، وقال ابن عباس هذه الصخرة ليست في السماء ولا في الأرض . وقيل إن هذه الصخرة هي سجِّين التي يكتب فيها أعمال الكفار ولا ترفع إلى السماء .

الثاني : معنى قوله في صخرة أي في جبل ، قاله قتادة .

{ أَوْ فِي السَّمَواتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يأت بِهَا اللَّهُ } فيه وجهان :

أحدهما : بجزاء ما وازنها من خير أو شر .

الثاني : يعلمها الله فيأتي بها إذا شاء ، كذلك قليل العمل من خير أو شر يعلمه الله فيجازي عليه .

{ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ } باستخراجها . { خَبِيرٌ } بمكانها ، قاله الربيع بن أنس .

روى علي بن رباح اللخمي قال : لما وعظ لقمان ابنه بهذا أخذ حبة من خردلٍ فأتى بها البحر فألقاها في عرضه ثم مكث ما شاء الله ثم ذكرها وبسط يده فبعث الله ذبابة فاختطفتها وحملتها حتى وضعتها في يده .