غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يَٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثۡقَالَ حَبَّةٖ مِّنۡ خَرۡدَلٖ فَتَكُن فِي صَخۡرَةٍ أَوۡ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَوۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَأۡتِ بِهَا ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٞ} (16)

1

وحين وصف نفسه بكماله في خاتمة الآية بقوله { فأنبئكم بما كنتم تعملون } أتبعه ما يناسبه من وصايا لقمان وهو قوله { يا بني إنها } أي القصة { إن تك } أي الحبة من الإساءة أو الإحسان في الصغر كحبة الخردل ويجوز أن يقال : الحبة إن تك كحبة الخردل . ومن قرأ { مثقال } بالرفع تعين أن يكون الضمير في { إنها } للقصة وتأنيث { تك } لإِضافة المثقال إلى الحبة . وروي أن ابن لقمان قال له : أرأيت الحبة تكون في مقل البحر أي في مغاصة يعلمها الله ؟ إن الله يعلم أصغر الأشياء في أخفى الأمكنة لأن الحبة في الصخرة أخفى منها في الماء .

سؤال : الصخرة لا بد أن تكون في السموات أو في الأرض فما الفائدة في ذكرها ؟ الجواب على قول الظاهريين من المفسرين ظاهر لأنهم قالوا : الصخرة هي التي عليها الثور وهي لا في الأرض ولا في السماء . وقال أهل الأدب : فيه إضمار والمراد في صخرة أو في موضع آخر من السموات والأرض ومثله قول جار الله ، أراد فكانت مع صغرها في أخفى موضع وأحرزه كجوف الصخرة أو حيث كانت العالم العلوي أو السفلي ، وقال أهل التحقيق : إن خفاء الشيء يكون إما لغاية صغره ، وإما لاحتجاجه ، وإما لكونه بعيداً ، وإما لكونه في ظلمة . فأشار إلى الأول بقوله { مثقال من خردل } وإلى الثاني بقوله { فتكن في صخرة } وإلى الثالث بقوله { أو في السموات } وإلى الرابع بقوله { أو في الأرض } وقوله { يأت بها الله } أبلغ من قول القائل " يعلمه الله " ففيه مع العلم بمكانه إظهار القدرة على الإتيان به { إن الله لطيف } نافذ القدرة { خبير } ببواطن الأمور .

/خ19