قوله : { يا بني إِنَّهَا } هذا الضمير يرجع إلى الخطيئة ، وذلك أن ابنَ لقمان قال لأبيه : يا أبت إنْ عملت الخطيئةَ حيث لا يراني أحد كيف يعلمها ( الله{[42447]} ) ؟ فقال : { يا بني إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ } . قوله : «إِنْ تَكُ » الضمير ضمير القصة ، والجملة الشرطية مفسرة ( للضمير{[42448]} ) ، وتقدم أن نافعاً يقرأ مِثْقَال{[42449]} بالرفع على أن كَانَ تامة{[42450]} وهو فاعلها وعلى هذا فيقال : لم ألحقت فله تاء التأنيث ؟ قيل : لإضافته إلى مؤنث ؛ ولأنه بمعنى «زِنَةُ حَبَّةٍ »{[42451]} ، وجوز الزمخشري في ضمير «إِنَّهَا » أن تكون للحبة من{[42452]} السيئات والإحسان في قراءة من نصب «مِثْقَال » . وقيل : الضمير يعود على ما يفهم من{[42453]} سياق الكلام أي إنَّ التي سألتَ عنها ( إنْ تَكُ{[42454]} ) ، قال المفسرون : إنه سأل أباه أرأيت الحَبَّةَ تقع في{[42455]} مغاص البحر يعلمها الله ؟ .
قوله : «فتكن » الفاء لإفادة الاجتماع يعني إن كانت صغيرة ومع صغرها تكون خفيةً في موضع حريز{[42456]} كالصَّخْرَةِ لا تخفى على الله لأن الفاء للاتصال بالتعقيب وقرأ عبد الكريم الجَحْدَريُّ{[42457]} «فَتكِنَّ » بكسر{[42458]} الكاف ، وتشديد النون مفتوحة أي فتستقر .
وقرأ مُحَمَّدُ بْنُ أبي مُحَمَّد{[42459]} البَعْلَبَكِّيِّ : فَتُكَنَّ ، إِلا أنه مبنيٌّ للمجهول{[42460]} ، وقتادة «فَتَكِنْ » بكسر الكاف وتخفيف النون مضارع «وَكَنَ »{[42461]} أي استقر في وَكْنِهِ ووَكْرِهِ .
الصخرة لا بد وأن تكون في السموات أو في الأرض فما الفائدة من ذكرها ؟ قال بعض المفسرين المراد بالصخرة صخرة عليها الثَّوْرُ وهي لا في الأرض{[42462]} ولا في السماء ، ( وقال{[42463]} الزمخشري : فيه إضمار تقديره إن تَكُنْ في صخرةٍ أو في موضع آخَرَ في السموات أو في الأرض ) . وقيل : هذا من تقديم الخاصّ وتأخر العام ، وهو جائز في مثل هذا التقسيم{[42464]} ، وقيل : خفاء الشيء يكون بطرق منها أن يكون في غاية الصِّغَرِ ، ومنها أن يكون بعيداً ، ومنها أن يكون في ظلمة ومنها أن يكون وراء حجاب فإن بيّن أحد هذه الأمور فلا يخفى في العادة فأثبت الله الرؤية والعلم مع انتفاء الشرائط فقوله : { إنْ تَكُ مثقال حبة من خردل } إشارة إلى الصغر ، وقوله : { فتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ } إشارة ( إلى الحِجَاب ، وقوله : «فِي السَّمَوَاتِ » إشارة{[42465]} إلى البُعد ، فإنها أبعدُ الأبعاد ، وقوله : { أَوْ فِي الأَرْضِ } إشارة ) إلى الظلمة فإن جوْف الأرض أظلمُ الأماكن ، وقوله : { يأت بها الله } أبلغ من قول القائل : يعلمه الله لأن من يظهر له شيء ( ولا يقدر{[42466]} على إظهاره لغيره يكون حاله في العلم دونَ حال من يَظْهَرُ له الشيء ) ويُظْهِرُهُ لغيره فقوله : { يَأْتِ بِهَا الله } أي يظهرها ( للإشهار{[42467]} ) { إِنَّ الله لَطِيفٌ } نافذ القدرة ، «خَبِيرٌ » عالم ببواطن الأمور ، روي في بعض الكتب أن هذه آخر كلمة تكلم بها لقمانُ فانشقتْ مرارتُه من هَيْبَتِهَا فمات ، قال الحسن : معنى الآية هو{[42468]} الإحاطة بالأشياء صغيرها وكبيرها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.