وهذه القصة كلها معترضة فيما بين كلام لقمان لابنه ، وإنما جاز الاعتراض هنا لأنها أيضا مما كان وصى به لقمان ولده ، فجعلها الله جل ذكره خبرا من عنده لنا لنتبعها ونعمل بها ، مما دل على ذلك قوله تعالى عن لقمان أنه قال لولده : { يا بني إنها إن تك مثقال حبة } أي : إن القصة التي سألتني عنها / أو المسألة .
روي أنه كان يسأل والده عن ذلك فجرى الإضمار عن سؤال ولده له .
وقيل : التقدير : إن الخطيئة أو المعصية إن تكن مثقال حبة . هذا على قراءة من نصب " مثقال حبة " فأما من رفع {[54946]} . فلا إضمار في " كان " عنده . ورفع إلقاء ثبت في " تك " حملا على المعنى لأن المقصود الحبة ، فكأنه قال : إنها إن تك حبة . يقال : عندي حبة فضة ومثقال حبة فضة بمعنى واحد ، وقد قالوا : اجتمعت أهل اليمامة {[54947]} .
فالمعنى على الرفع : إن الخطيئة إن تك حبة ، أي إن وقعت حبة من خرذل .
ويجوز أن يكون الخبر محذوفا والتقدير : إن تك حبة خرذل في موضع يأت بها الله .
والتقدير في هذا كله : زنة حبة من خير أو شر .
ثم قال : { فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض } .
روي أن ابن لقمان سأل لقمان فقال : أرأيت الحبة تكون في مثل البحر {[54948]} أمن يعلمها الله {[54949]} فأعلمه أنه يعلمها في أخفى المواضع لأن الحبة في الصخرة أخفى منها في السماء {[54950]} .
وهذا مثل لأعمال العباد ، أن الله يأتي بأعمالهم يوم القيامة .
روي أن لقمان لما وعظ ابنه هذه الموعظة أتى بحبة خرذل فألقاها في اليرموك {[54951]} في عرضه ثم مكث ما شاء الله ثم ذكرها وبسط يده فأقبل بها ذباب حتى وضعها في راحته . من رواية ابن وهب {[54952]} وروي عن ابن عباس [ أنه ] {[54953]} وزن رطل لحم وجعله للذر {[54954]} حتى اسود من كثرة الذر عليه ، ثم أخذه بما عليه من الذر ووزنه فلم يزد شيئا ، فقال : أيها الناس إن الله جل ذكره أراد أن يرغبكم وأن يحضكم على ثواب الآخرة وأما الذر والخرذل {[54955]} ، فلا مثاقيل لها ، ولكن في عظمة الله وقدرته وعلمه ما يعلم به مثاقيل الذر والخرذل .
ويروي أن عائشة رضي الله عنها " تصدقت بحبة عنب فقالت لها مولاتها بريرة {[54956]} يا أم المؤمنين : أي شيء حبة عنب ؟ فقالت لها عائشة : كم ترين فيها من مثقال ذرة {[54957]} " .
ويقال : إن الصخرة هنا هي الصخرة الخضراء التي على ظهر الحوت وهو النون الذي ذكره الله عز وجل في قوله : نون والقلم {[54958]} والحوت في السماء والسماء على ظهر صفاة ، والصفاة على ظهر ملك والملك على صخرة ، والصخرة في الريح ، وهي الصخرة التي ذكر لقمان ليست في السماء ولا في الأرض {[54959]} .
وقال قتادة : " فتكن في صخرة " أي : في جبل من الجبال {[54960]} .
وقيل : معنى { يات بها الله } بعلمها الله {[54961]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.