الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{يَٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثۡقَالَ حَبَّةٖ مِّنۡ خَرۡدَلٖ فَتَكُن فِي صَخۡرَةٍ أَوۡ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَوۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَأۡتِ بِهَا ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٞ} (16)

{ يبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ } قال بعض النحاة : هذه الكناية راجعة إلى الخطيئة والمعصية ، يعني : إنَّ المعصية إنْ تَكُ . يدلّ عليه قول مقاتل : قال أنعم بن لقمان لأبيه : يا أبة إنْ عملت بالخطيئة حيث لا يراني أحد كيف يعلمها الله ؟ فقال له : يا بُني إنّها إنْ تَكُ . وقال آخرون : هذه الهاء عماد ، وإنّما أنّث لإنّه ذهب بها إلى الحبّة ، كقول الشاعر :

ويشرق بالقول الذي قد اذعته *** كما شرقت صدر القناة من الدم

ويرفع المثقال وينصب ، فالنّصب على خبر كان والرّفع على اسمها ومجازه : إنْ تقع وحينئذ لا خبر له : { فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ } قال قتادة : في جبل ، وقال ابن عبّاس : هي صخرة تحت الأرضين السبع وهي التي يكتب فيها أعمال الفجّار ، وخضرة السماء منها ، وقال السدي : خلق الله الأرض على حوت وهو النون الذي ذكره الله عزّ وجلّ في القرآن

{ ن وَالْقَلَمِ } [ القلم : 1 ] والحوت في الماء ، والماء على ظهر صفاة ، والصفاة على ظهر ملك والملك ، على صخرة ، وهي الصخرة التي ذكر لقمان ليست في السماء ولا في الأرض ، والصخرة على الرّيح .

{ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيف } باستخراجها { خَبِيرٌ } عالم بمكانها . ورأيت في بعض الكتب أنّ لقمان ( عليه السلام ) قال لابنه : يا بُني { إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ } إلى آخر الآية . فانفطر من هيبة هذه الكلمة فمات فكانت آخر حكمته .