محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{يَٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثۡقَالَ حَبَّةٖ مِّنۡ خَرۡدَلٖ فَتَكُن فِي صَخۡرَةٍ أَوۡ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَوۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَأۡتِ بِهَا ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٞ} (16)

ثم بين تعالى بقية وصايا لقمان ، بقوله سبحانه :

{ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ } أي إن الخصلة من الإساءة أو الإحسان ، إن تك مثلا في الصغر كحبة الخردل { فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ } أي فتكن مع كونها في أقصى غايات الصغر ، في أخفى مكان وأحرزه ، كجوف الصخرة . أو حيث كانت في العالم العلوي أو السفلي { يَأْتِ بِهَا اللَّهُ } أي يحضرها ويحاسب عليها { إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ } أي ينفذ علمه وقدرته في كل شيء { خَبِيرٌ } أي يعلم كنه الأشياء ، فلا يعسر عليه . والآية كقوله تعالى {[6096]} : { ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا } الآية ، وقوله {[6097]} : { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } .

لطيفة :

قوله تعالى : { فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ } الآية ، من البديع الذي يسمى التتميم . فإنه تمم خفاءها في نفسها بخفاء مكانها من الصخرة . وهو من وادى قولها {[6098]} : ( كأنه علم في رأسه نارا ) .


[6096]:(21 / الأنبياء / 47).
[6097]:(99 / الزلزلة / 7 و 8).
[6098]:قائلته الخنساء، ترثي أخاها صخرا. ومطلع القصيدة: ما هاج حزنك أم بالعين عوار*** أم ذرفت، أم خلت من أهلها الدار وصدر البيت: * أغر أبلج تأتم الهداة به *