ولقد مكناهم : جعلنا لهم سلطانا وقدرة على التصرف في الذي ما مكناكم فيه ، ولا سخرناه لكم .
26- { وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } .
إن هؤلاء الذين أهلكوا كانوا أكثر قوة من أهل مكة ، أعطاهم الله النعم والمنعة والقوة ، ليشكروا الله عليها ، ويحركوا عقولهم وأسماعهم وأبصارهم للتأمل والتفكر والتدبر ، والانتقال من النعمة إلى المنعم ، ومن الكون إلى المكون ، ومن خلق السماوات والأرض إلى الصانع المبدع ، ومن جملة النعم والقوة التي منحها الله لهم إلى العرفان والشكر ، والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، لقد أهملوا منافذ المعرفة ، وعطلوا عقولهم عن التأمل ، وأبصارهم عن النظر ، وأسماعهم عن سماع حجج الحق وأقوال الرسل ، وآيات الله في الأنفس والآفاق ، وجحدوا بآيات الله وكذبوا بما جاءت به الرسل ، فأحاط بهم العذاب ، وأطبق عليهم عقاب الله الذي كانوا يستهزؤون به ، ويستعجلون وقوعه .
قال الإمام الفخر الرازي في التفسير الكبير :
المعنى : إنا فتحنا عليهم أبواب النعم ، وأعطيناهم سمعا فما استعملوه في سماع الدلائل ، وأعطيناهم أبصارا فما استعملوها في تأمل العبر ، وأعطيناهم أفئدة فما استعملوها في طلب معرفة الله ، بل صرفوا كل هذه القوى إلى طلب الدنيا ولذاتها ، فلا جرم لم تغن عنهم من عذاب الله شيئا . اه .
{ ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه } : أي ولقد مكنا قوم عاد من القوة التي لم نمكنكم أنتم من مثلها .
{ وجعلنا لهم سمعا وأبصاراً } : وجعلنا لهم أسماعاً وأبصاراً .
{ فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء } : أي من الإِغناء .
{ إذ كانوا يجحدون بآيات الله } : أي لعلة هي أنهم كانوا يجحدون بآيات الله وهي حججه البيّنة .
{ وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون } : أي نزل بهم العذاب الذي كانوا يستهزئون به .
ما زال السياق في مطلب هداية قريش انه لما قص تعالى عليهم قصة عاد وتجلت فيها عظات كثيرة وعبرة كبيرة قال لهم { ولقد مكناهم } أي قوم عاد مكناهم في الأرض فأعطيناهم من مظاهر القوة المادية { فيما إن مكناكم فيه } أنتم يا معشر كفار قريش وجعلنا لهم سمعاً وأبصاراً وأفئدة أي قلوباً فما أغنى عنهم سمعهم أي أسماعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء من الإِغناء إذ كانوا يجحدون بآيات الله أي بحججه وبيّناته الدالة على وجوب توحيده وحاق أي نزل بهم العذاب الذي كانوا إذا خوفوا به وأنذروا استهزأوا وسخروا .
- بيان أن الإِعراض عن دين الله والإِصرار على الفسق عن أمر الله ، والاستمرار على الخروج على طاعته إذا استوجب صاحبه العذاب ونزل به لم يغن عنه ذكاؤه ولا دهاؤه ولا علمه وحضارته ولا علوه وتطاوله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.