تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَفَمَن يَمۡشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجۡهِهِۦٓ أَهۡدَىٰٓ أَمَّن يَمۡشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (22)

20

مكبّا على وجهه : ساقطا عليه لا يأمن العثور .

يمشي سويّا : مستويا منتصبا سالما من العثور . ( مثل للمشرك والموحّد ) .

20

أفمن يمشي مكبّا على وجهه أهدى أمّن يمشي سويّا عل صراط مستقيم .

على طريقة القرآن الكريم في التخييل الحسي والتجسيم ، نجد صورة رائعة لإنسان كافر يتنكّب الجادة ، ويكفر بالرسل ، ويغضب مولاه ، وينصرف إلى المعاصي ، حال كونه أعمى البصيرة ، مكبّا على وجهه أشبه بمن وضع وجهه في الأرض وسار معتمدا على يديه لا يبصر الطريق المعتدل ، وإنما يهيم على وجهه ، تأسره الشهوات ، وتستنزفه المعاصي ، حتى يحشر يوم القيامة ، ويتقى بوجهه سوء العذاب يوم القيامة .

أما المؤمن فهو يمشي معتدلا ، مرتفع القامة ، يعرف أين يضع قدميه ، لذلك يمشي في مرضاة ربّه ، ويسير إلى الطاعات وما أمر به الله ، ويبتعد عن المحرمات ، وما نهى عنه الله ، ثم يتساءل الرحمان سبحانه وتعالى : أيهما أهدى سبيلا وأقوم قيلا ، من يمشون في الظلمات ، ويتنكبون الجادة ، وتستهويهم المعاصي والذنوب ؟ أمّن يمشون على الصراط المستقيم في طاعة الرحمان في الدنيا ، ثم تتقدمهم أنوارهم وتحفّ بهم عن أيمانهم ، ويهيدهم ربهم إلى الصراط المستقيم في الطريق إلى الجنة ، ورضوان الله رب العالمين في الآخرة ؟ والجواب : لا شك أن المستقيم أهدى وأفضل .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{أَفَمَن يَمۡشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجۡهِهِۦٓ أَهۡدَىٰٓ أَمَّن يَمۡشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (22)

{ أفمن يمشي مكبا على وجهه . . . . } المكب : الساقط على وجهه . يقال : كبه وأكبه ، قلبه وصرعه . وهو مثل ضربه الله للكافر والمؤمن ؛ أي أفمن يمشي وهو يعثر في كل ساعة ويخر على وجهه في كل خطوة ؛ لتوعر طريقه واختلافه بانخفاض وارتفاع ، أهدى وأرشد إلى المقصد الذي يؤمه ، أم من يمشي قائما سالما من الخليط والعثار على طريق مستو ، لا اعوجاج فيه ولا انحراف !

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{أَفَمَن يَمۡشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجۡهِهِۦٓ أَهۡدَىٰٓ أَمَّن يَمۡشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (22)

مكباً على وجهه : أصل المعنى أن يمشي المرء مطرقا بوجهه إلى الأرض . والمقصود : الذي يسير على غير هدى .

سويًّا : معتدلا ، مستقيما .

ثم ضرب الله مثلاً يبين به الفرق بين المشركين والموحدين فقال :

{ أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً على وَجْهِهِ أهدى أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } .

هل الذي يعيش في الضلال ويتخبط في الجهالة والكفر أهدى سبيلاً ، أم الذي آمنَ ويمشي على الطريق المستقيم سالماً من التخبط والجهل ؟ { مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هَلْ يَسْتَوِيَانِ ؟ } [ هود : 24 ] .

فهذا المكبّ على وجهه هو المشرك ، والذي يمشي سويا هو الموحّد ، فهل يستويان ؟

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{أَفَمَن يَمۡشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجۡهِهِۦٓ أَهۡدَىٰٓ أَمَّن يَمۡشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (22)

شرح الكلمات :

{ أفمن يمشي مكباً } : أي واقعاً على وجهه .

{ أمن يمشي سوياً } : أي مستقيماً .

المعنى :

وقوله تعالى { أفمن يمشي مكباً على وجهه أهدى أم من يمشي سوياً على صراط مستقيم ؟ } هذا مثل ضربه الله تعالى للمشرك والموحد تبياناً لحالهما وتحقيقاً لواقع مذهبهما فقال أفمن يمشي مكباً أي واقعاً على وجهه هذا هو المشرك الذي سيكب على وجهه في جهنم أهدى أمن يمشي سوياً أي مستقيماً على صراط مستقيم أي طريق مستقيم هذا هو الموحد فأيهما أهدى ؟ والجواب قطعاً الذي يمشي سوياً على صراط مستقيم إذاً النتيجة أن الموحد مهتد والمشرك ضال .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَفَمَن يَمۡشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجۡهِهِۦٓ أَهۡدَىٰٓ أَمَّن يَمۡشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (22)

{ 22 } { أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمْ مَنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }

أي : أي الرجلين أهدى ؟ من كان تائها في الضلال ، غارقًا في الكفر قد انتكس قلبه ، فصار الحق عنده باطلًا ، والباطل حقًا ؟ ومن كان عالمًا بالحق ، مؤثرًا له ، عاملًا به ، يمشي على الصراط المستقيم في أقواله وأعماله وجميع أحواله ؟ فبمجرد النظر إلى حال هذين الرجلين ، يعلم الفرق بينهما ، والمهتدي من الضال منهما ، والأحوال أكبر شاهد من الأقوال .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{أَفَمَن يَمۡشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجۡهِهِۦٓ أَهۡدَىٰٓ أَمَّن يَمۡشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (22)

{ أفمن يمشي مكبا على وجهه } أي الكافر يحشر يوم القيامة وهو يمشي على وجهه ، يقال : كببت فلانا على وجهه فأكب ، هو يقول هذا { أهدى أم من يمشي سويا } مستويا مستقيما { على صراط مستقيم } وهو المؤمن .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{أَفَمَن يَمۡشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجۡهِهِۦٓ أَهۡدَىٰٓ أَمَّن يَمۡشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (22)

قوله تعالى : " أفمن يمشي مكبا على وجهه " ضرب الله مثلا للمؤمن والكافر{[15200]} " مكبا " أي منكسا رأسه لا ينظر أمامه ولا يمينه ولا شماله ، فهو لا يأمن من العثور والانكباب على وجهه . كمن يمشي سويا معتدلا ، ناظرا ما بين يديه وعن يمينه وعن شماله . قال ابن عباس : هذا في الدنيا ، ويجوز أن يريد به الأعمى الذي لا يهتدي إلى الطريق فَيَعْتَسِف{[15201]} ، فلا يزال ينكب على وجهه . وأنه ليس كالرجل السوي الصحيح البصير ، الماشي في الطريق المهتدى له . وقال قتادة : هو الكافر أكب على معاصي الله في الدنيا ، فحشره الله يوم القيامة على وجهه . وقال ابن عباس والكلبي : عنى بالذي يمشي مكبا على وجهه أبا جهل ، وبالذي يمشي سويا رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقيل أبو بكر ، وقيل حمزة ، وقيل عمار ابن ياسر ، قاله عكرمة . وقيل : هو عام في الكافر والمؤمن ، أي أن الكافر لا يدري أعلى حق هو أم على باطل . أي أهذا الكافر أهدى أو المسلم الذي يمشي سويا معتدلا يبصر الطريق وهو " على صراط مستقيم " وهو الإسلام . ويقال : أكب الرجل على وجهه ، فيما لا يتعدى بالألف . فإذا تعدى قيل : كبه الله لوجهه ، بغير ألف .


[15200]:ما بين المربعين ساقط من س، هـ.
[15201]:الاعتساف: ركوب المفازة وقطعها بغير قصد ولا هداية، ولا توخي قصد ولا طريق مسلوك.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أَفَمَن يَمۡشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجۡهِهِۦٓ أَهۡدَىٰٓ أَمَّن يَمۡشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (22)

ولما كان هذا فعل من لا بصر له ولا بصيرة ، سبب عنه قوله ممثلاً للموحد والمشرك بسالكين ولدينيهما بمسلكين : { أفمن يمشي } أي على وجه{[67037]} الاستمرار { مكباً } أي داخلاً بنفسه في الكب وصائرا إليه ، وهو السقوط { على وجهه } وهو كناية عن السير على رسم مجهول وأثر معوج{[67038]} معلول ، على غير عادة العقلاء لخلل في أعضائه ، واضطراب في عقله ورأيه ، فهو كل حين يعثر فيخر{[67039]} على وجهه ، لأنه لعدم نظره يمشي في أصعب الأماكن{[67040]} لإمالة الهوى له عن المنهج المسلوك ، وغلبة الجهل عليه فهو بحيث لا يكون تكرار{[67041]} المشاق عليه زاجراً{[67042]} له{[67043]} عن السبب الموقع له فيه ، ولم يسم سبحانه وتعالى ممشاه طريقاً لأنه لا يستحق ذلك .

ولما كان ربما صادف السهل لا عن بصيرة بل اتفاقاً قال : { أهدى } أي أشد هداية { أمّن يمشي } دائماً مستمراً { سوياً } قائماً رافعاً رأسه ناصباً وجهه سالماً من العثار ، لأنه لانتصابه يبصر ما أمامه وما عن يمينه وما عن شماله { على صراط } أي طريق موطأ واسع{[67044]} مسلوك {[67045]}سهل قويم{[67046]} { مستقيم * } أي هو في غاية القوم . هذا مثل من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً ، فإنه يتبع الفطرة الأولى السليمة عن شهوة أو غضب أو شائبة حظ ، والأول مثل الكافر ، حاله في سيره إلى الله حال المكب ، أي الذي كب نفسه بغاية الشهوة{[67047]} على وجهه ، لا يرى ما حوله ولا يشعر بما أحاط به ، ولا ينظر في الآيات ولا يعتبر بالمسموعات{[67048]} ، فهو اليوم شيء باطن لظهر يوم القيامة ، فيحشر على وجهه إلى النار جزاء لرضاه بحالته هذه في هذه الدار ، فيظهر له سبحانه ما أبطن له{[67049]} اليوم ، والمؤمن بخلاف ذلك فيهما ، والآية من الاحتباك : ذكر الكب أولاً دليلاً على ضده ثانياً ، والمستقيم ثانياً دليلاً على المعوج أولاً ، وسره أنه ذكر أنكأ ما للمجرم وأسر ما للمسلم .


[67037]:- في ظ وم: سبيل.
[67038]:- زيد من ظ وم.
[67039]:- من ظ وم، وفي الأصل: فيخرج.
[67040]:- من ظ وم، وفي الأصل: المسالك.
[67041]:- في ظ وم: تكرر.
[67042]:- من ظ وم، وفي الأصل: زاجرا.
[67043]:- زيد من ظ وم.
[67044]:- من ظ وم، وفي الأصل: واسعا.
[67045]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[67046]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[67047]:- من ظ وم، وفي الأصل، السهولة.
[67048]:- من ظ وم، وفي الأصل: في المسموعات.
[67049]:- زيد من ظ وم.