{ لقد كان لسبإ في مساكنهم ءاية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور( 15 ) فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلنهم بجنتيهم جنتين ذواتى أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل( 16 ) ذلك جزيناهم بما كفورا وهل نجازي إلا الكفور( 17 ) وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما ءامنين( 18 ) فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور( 19 ) ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين( 20 ) وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك وربك على كل شيء حفيظ( 21 ) }
سبإ : اسم قبيلة من قبائل العرب العارية في بلاد اليمن وهم قوم بلقيس وقد سميت قبيلة سبأ باسم جد لهم من العرب هو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ومن نسلهم عبد الله بن سبأ المنسوبة إليه السبئية من غلاة الشيعة .
مسكنهم : موضع سكنهم في مأرب بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاث ليال .
جنتان : جماعتان من البساتين جماعة عن يمين إقليمهم وجماعة عن شماله .
طيبة : طيبة المناخ بعيدة عن الأوباء وأسبابها .
{ لقد كان لسبإ في مساكنهم ءاية جنان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور } .
لقد كان لشعب سبأ في مساكنهم التي يسكنونها وقصورهم ووديانهم التي يعمرونها آية وعلامة على قدرة الله وأفضاله على عباده وهي جنتان إحداهما عن يمين الوادي وأخرى عن شماله كلها فواكه وخضرة تسقى بماء سد مأرب وتنبت الفواكه والثمار والنخيل والأعناب وصنوف النعم روى أن المرأة كانت تخرج وعلى رأسها المكتل وتسير بين الأشجار فيمتلئ المكتل مما يتساقط من الثمار فهذا قوله تعالى : { كلوا من رزق ربكم واشكروا له . . . }
كأنها تناديهم بلسان الحال وتقول لهم كلوا من هذا الرزق العظيم الذي بسطه الله لكم واشكروا الله عليه شكرا عمليا باستخدام النعمة في طاعة الله واشكروه بذكره وطاعة رسله واحترام نواميسه وطاعة أوامره .
هذه بلدة طيبة الهواء وهي صنعاء اليمن مناخها طيب وتربتها طيبة لا يوجد بها وباء ولا هواء ولا حشرات كالعقارب ونحوها .
{ 15 - 21 } { لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ }
سبأ قبيلة معروفة في أداني اليمن ، ومسكنهم بلدة يقال لها " مأرب " ومن نعم اللّه ولطفه بالناس عموما ، وبالعرب خصوصا ، أنه قص في القرآن أخبار المهلكين والمعاقبين ، ممن كان يجاور العرب ، ويشاهد آثاره ، ويتناقل الناس أخباره ، ليكون ذلك أدعى إلى التصديق ، وأقرب للموعظة فقال : { لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ } أي : محلهم الذي يسكنون فيه { آيَةٌ } والآية هنا : ما أدرَّ اللّه عليهم من النعم ، وصرف عنهم من النقم ، الذي يقتضي ذلك منهم ، أن يعبدوا اللّه ويشكروه . ثم فسر الآية بقوله { جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ } وكان لهم واد عظيم ، تأتيه سيول كثيرة ، وكانوا بنوا سدا محكما ، يكون مجمعا للماء ، فكانت السيول تأتيه ، فيجتمع هناك ماء عظيم ، فيفرقونه على بساتينهم ، التي عن يمين ذلك الوادي وشماله . وتُغِلُّ لهم تلك الجنتان العظيمتان ، من الثمار ما يكفيهم ، ويحصل لهم به الغبطة والسرور ، فأمرهم اللّه بشكر نعمه التي أدرَّها عليهم من وجوه كثيرة ، منها : هاتان الجنتان اللتان غالب أقواتهم منهما .
ومنها : أن اللّه جعل بلدهم ، بلدة طيبة ، لحسن هوائها ، وقلة وخمها ، وحصول الرزق الرغد فيها .
ومنها : أن اللّه تعالى وعدهم - إن شكروه - أن يغفر لهم وَيرحمهم ، ولهذا قال : { بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ }
ومنها : أن اللّه لما علم احتياجهم في تجارتهم ومكاسبهم إلى الأرض المباركة ، - الظاهر أنها : [ قرى صنعاء قاله غير واحد من السلف ، وقيل : إنها ] الشام - هيأ لهم من الأسباب ما به يتيسر وصولهم إليها ، بغاية السهولة ، من الأمن ، وعدم الخوف ، وتواصل القرى بينهم وبينها ، بحيث لا يكون عليهم مشقة ، بحمل الزاد والمزاد .
ولهذا قال : { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ } أي : [ سيرا ] مقدرا يعرفونه ، ويحكمون عليه ، بحيث لا يتيهون عنه { لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ } أي : مطمئنين في السير ، في تلك الليالي والأيام ، غير خائفين . وهذا من تمام نعمة اللّه عليهم ، أن أمنهم من الخوف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.