تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{قُلۡ مَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أَمَّن يَمۡلِكُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَمَن يُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَيُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۚ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُۚ فَقُلۡ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (31)

{ قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ 31 }

المفردات :

يدبر الأمر : يصرف شأن الكائنات بنظام دقيق وحكمة بالغة .

31 { قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ . . . } الآية .

تناقش هذه الآية موقف المشركين ، في الانصراف عن عبادة الله إلى عبادة غيره ، فتقول لهم : من ينزل لكم رزق السماء بالأمطار و الهواء ، والشمس والقمر والنجوم ويسخر هذا الكون ؟ ! ومن يرزقكم من الأرض بالنبات والحيوان والطيور والأسماك ؟ ! فلا شك أن هذا الرزق كله من عند الله ؛ تكريما لكم ، وحفظا لحياتكم .

{ أمن يملك السمع والأبصار } .

أي أخبروني من يملك أداة السمع وما أعد فيها من أسباب إدراك المسموعات ؟ ! ومن يملك أداة البصر وما هيئت به لإدراك المبصرات ؟ ! وخص السمع والبصر ؛ لأنهما أهم الحواس ، وأداة تحصيل العلوم .

وقد جاء لفظ السمع مفردا ، ولفظ الأبصار جمعا ؛ لأن السمع يتناول نوعا واحدا هو الأصوات ، أما الأبصار فتتناول الأحجام والأبعاد والألوان والأشكال .

{ ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي } .

أي : من ذا الذي يملك الحياة والموت في العالم كله ؛ فيخرج الأحياء من الأموات ، والأموات من الأحياء ، فيخرج الليل من النهار ، والنهار من الليل ، والمؤمن من الكافر ، والكافر من المؤمن ؟ ! من يملك إخراج النبات من الأرض ، ومن يملك إخراج الإنسان من النطفة ، والنطفة من الإنسان ، والطير من البيضة ، والبيضة من الطير ؟ !

{ ومن يدبر الأمر } .

أي : من يتولى تدبير الأمر في هذا الكون فيرفع السماء ويبسط الأرض ويرسي الجبال ، وسخر الشمس والقمر ، ويمسك بزمام هذا الكون ويحفظ نظامه ومسيرته ؟ !

ومن يجيب الدعاء ، ويحقق الرجاء ، ويشفي المريض ويعافي المبتلى ويغني الفقير ويفقر الغني ؟ ومن بيده الخلق والأمر وهو على كل شيء قدير ؟ !

{ فسيقولون الله } .

أي : سيقولون الله وحده هو الذي فعل كل ذلك .

{ فقل أفلا تتقون } .

أي : إذا أقروا بأن الله هو الخالق الرازق ، المنعم المدبر ، المتفرد بالملك والوحدانية ؛ فقل لهم يا محمد : أفلا تتقون الله فتفردوه بالعبادة ؟ !