تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُلۡ مَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أَمَّن يَمۡلِكُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَمَن يُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَيُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۚ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُۚ فَقُلۡ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (31)

وقوله تعالى : ( قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ ) الآية يحاجهم ، يعني أهل مكة في التوحيد لأنها مكية .

وقوله تعالى : ( قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ) الآية أي من يدبر [ الرزق في السماء ، ومن يدبر الرزق ][ من م ، ساقطة من الأصل ] في الأرض ؟ يحتمل وجهين :

أحدهما[ في الأصل وم : أي ] : من نزل لكم الرزق من السماء ، ومن يستخرج لكم الرزق [ من الأرض ][ ساقطة من الأصل وم ] ؟

والثاني : ( قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ) أي من يدبر الرزق في السماء ، ومن يدبر الرزق في الأرض ؟ لا أحد يملك استنزال الرزق من السماء واستخراج الرزق من الأرض . وكذلك لا أحد يملك تدبيره في السماء والأرض سواه ، ولا أحد يملك إنشاء السمع والبصر ، ولا[ الواو ساقطة من الأصل وم ] أحد يملك إخراج الميِّت من الحي ولا تدبير الأمر ؛ يعرفون حقيقة ماهية السمع والبصر ، ولا [ يعرفون كيفيتها ][ في الأصل وم : يكتفيهما ] ، فكيف يملكون إنشاء السمع والبصر ونصبهما ؟ ولا يملك أحد سواء إصلاح ما ذكر إذا فسد ذلك . فأقروا أنه لا يملك أحد سوى الله ذلك ، وهو قولهم : ( فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ ) بوائقه ونقمته .

أو يقول : ( أفلا تتقون ) عبادة غيره دونه وإشراك غيره في ألوهيته وربوبيته ؟ أو يقول : ( أفلا تتقون ) صرف شكره إلى غيره ، وقد أقررتم أنه المنعم عليكم هذه [ النِّعَمَ ] لا من تعبدون دونه ؟ أو يقول ، والله أعلم : إذا عرفتم ما ذكر ( أفلا تتقون ) مخالفته وعصيانه ؟

فإذا أقروا أن الذي يملك تدبير ما بين السماء والأرض ، وهو الذي يستحق العبادة والقيام بشكره ، فإذا ضيعوا ذلك جمعهم عليه اسم الضلال ، وفذلك قوله : ( فماذا بعد الحق إلا الضلال )[ يونس : 32 ] .