نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{قُلۡ مَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أَمَّن يَمۡلِكُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَمَن يُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَيُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۚ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُۚ فَقُلۡ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (31)

ولما قدم سبحانه أن شركاءهم مربوبون مقهورون ، لا قدرة لهم إلاّ على ما يقدرهم الله عليه ، وأنه وحده المولى الحق ، وبانت بذلك فضائحهم ، أتبعه ذكر الدلائل على فساد مذهبهم ، فوبخهم بأن وجه السؤال إليهم عما هم معترفون بأنه مختص به ويدل قطعاً على تفرده بجميع الأمر الموجب من غير وقفة لاعتقاد تفرده بالإلهية فقال : { قل } أي يا أكرم خلقنا وأرفقهم بالعباد{[37903]} { من يرزقكم } أي يجلب لكم الخيرات{[37904]} أيها المنكرون للبعث المدعون للشركة { من السمآء } أي بالمطر وغيره من المنافع { والأرض } بالنبات وغيره لتعيشوا { أمّن يملك السمع } أي{[37905]} الذي تسمعون به الآيات ، ووحده للتساوي{[37906]} فيه في{[37907]} الغالب { والأبصار } التي تبصرون بها ما أنعم عليكم به في خلقها{[37908]} ثم حفظها في المدد الطوال على كثرة الآفات فيفيضها عليكم لتكمل حياتكم الحسية ببقاء الروح ، والمعنوية بوجود العلم ؛ روي عن علي رضي الله عنه أنه{[37909]} قال : سبحان من بصر بشحم ، وأسمع بعظم ، وأنطق بلحم .

فلما سألهم عن أوضح ما هم فيه وأقربه ، نبههم على ما قبله من بدء الخلق فقال : { ومن يخرج الحي } من الحيوان والنبات { من الميت } أي من النطفة ونحوها { ويخرج الميت } أي من{[37910]} النطفة ونحوها مما لا ينمو { من الحي } أي فينقل من النقص إلى الكمال{[37911]} ؛ ثم عم فقال : { ومن يدبر الأمر } أي كله{[37912]} التدبير العام{[37913]} .

ولما كانوا مقرين بالرزق وما معه من الخلق والتدبير ، أخبر عن جوابهم إذا سئلوا عنه بقوله : { فسيقولون الله } أي مسمى هذا الاسم الذي له الكمال كله بالحياة والقيومية بخلاف ما سيأتي من الإعادة والهداية { فقل } أي فتسبب عن ذلك أنا نقول لك : قل لهم مسبباً عن جوابهم هذا الإنكار عليهم في عدم التقوى : { أفلا تتقون{[37914]} } أي تجعلون وقاية بينكم وبين عقابه على اعترافكم بتوحده في ربوبيته وإشراككم غيره في إلهيته .


[37903]:زيد من ظ.
[37904]:زيد من ظ.
[37905]:زيد من ظ.
[37906]:من ظ، وفي الأصل: لما تساوي.
[37907]:من ظ، وفي الأصل: من.
[37908]:في ظ: حقها.
[37909]:سقط من ظ.
[37910]:زيد من ظ.
[37911]:زيد من ظ.
[37912]:زيد بعده في ظ: الكلمة.
[37913]:في ظ: العالم.
[37914]:في ظ: فلا يتقون.