{ وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأريكم دار الفاسقين( 145 ) }
وكتبنا له في الألواح : أي : وخلقنا له الكتابة فيها ؛ والألواح : الصحف التي كتبت فيها التوراة .
فخذها بقوة : أي : فتناولها وتقبلها بجد وعزيمة .
{ 145 – وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء . . . . }الآية .
هل المراد بالألواح هنا التوراة أو ألواح أعطيها موسى قبل التوراة ؟ قولان للعلماء :
قال بعض المفسرين : إن الألواح كانت مشتملة على التوراة ، وقال بعضهم : بل كانت قبل التوراة ، والراجح : أنها كانت أول ما أوتيه من وحي التشريع ، فكانت أصل التوراة الإجمالي ، وكانت سائر الأحكام من العبادات والمعاملات الحربية والمدنية والعقوبات تنزل يخاطبه بها الله تعالى في أوقات الحاجة إليها28 .
والمعنى : بينا لموسى في الألواح والصحف من كل شيء يحتاج إليه ينو إسرائيل ؛ لإصلاح شئونهم في الدين والدنيا من المواعظ وتفصيل الأحكام ، وبيان الحلال والحرام والحسن والقبيح وغير ذلك من أنواع الهداية والإرشاد .
{ فخذوها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها } .
أي : خذ هذه الأحكام بالعزيمة والجد ، بدون تهاون أو تفريط ، وهي دعوة إلى تقديم العزيمة على الرخصة ، وعدم محاولة التفلّت والانسلاخ من الأحكام الشاقة إلى أيسر الأحكام والتكاليف .
وليس في هذا غلو أو اعتساف ، فنحن نعلم أن دين الله يسر لا حرج فيه .
ولكن هذه العقيدة تحتاج إلى الجد والهمة والحسم والصراحة ولا ينبغي أن تؤخذ في رخاوة ولا تميع ولا ترخيص ، مع البعد أيضا عن التشدد والتعنت والتعقيد .
{ وأمر قومك يأخذوا بأحسنها } .
أي : وأمر قومك بالاعتصام بهذه الموعظة ، والأحكام المفصلة في الألواح ، التي هي في منتهى الكمال والحسن ، وأن يختاروا أقربها إلى الصواب لو أن فيها حسنا وأحسن ، كالقود والعفو ، والانتصار والصبر ، والمأمور به والمباح . فأمروا بأن يأخذوا بما هو أكثر ثوابا .
أي : سأرى قومك ديار الهالكين من عاد وثمود وأمثالهم ؛ ليشاهدوا ما حل بأهلها من الهلاك والدمار ؛ لأن رؤية الديار خالية من أهلها ، خاوية على عروشها ، تدعو إلى مزيد من الحذر والاعتبار .
قال ابن كثر : أي : سترون عاقبة من خالف أمري وخرج عن طاعتي كيف يصير إلى الهلاك والدمار .
وخوطب قوم موسى عليه السلام بقوله : سأريكم دون قوله – سأريهم – التفاتا إليهم بعد الغيبة ؛ ليكون ذلك أبلغ من حملهم على الطاعة والامتثال ، وتخويفهم من اتباع طريق الظالمين .
وقيل : معنى : سأوريكم دار الفاسقين . سأورثكم حكم الوثنيين في تلك الديار التي هاجرتم إليها ، بدليل قراءة : { سأورثكم دار الفاسقين } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.