مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَكَتَبۡنَا لَهُۥ فِي ٱلۡأَلۡوَاحِ مِن كُلِّ شَيۡءٖ مَّوۡعِظَةٗ وَتَفۡصِيلٗا لِّكُلِّ شَيۡءٖ فَخُذۡهَا بِقُوَّةٖ وَأۡمُرۡ قَوۡمَكَ يَأۡخُذُواْ بِأَحۡسَنِهَاۚ سَأُوْرِيكُمۡ دَارَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (145)

{ وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الألواح } الألواح التوراة جمع لوح وكانت عشرة ألواح . وقيل : سبعة وكانت من زمرد . وقيل : من خشب نزلت من السماء فيها التوراة { مِن كُلَّ شَيْءٍ } في محل النصب على أنه مفعول { كتبنا } { مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ } بدل منه والمعنى كتبنا له كل شيء كان بنو إسرائيل محتاجين إليه في دينهم من المواعظ وتفصيل الأحكام . وقيل : أنزلت التوراة وهي سبعون وقر بعبر لم يقرأها كلها إلا أربعة نفر : موسى ويوشع وعزير وعيسى { فَخُذْهَا } فقلنا له خذها عطفاً على { كتبنا } والضمير للألواح أو { لكل شيء } لأنه في معنى الأشياء { بِقُوَّةٍ } بجد وعزيمة فعل أولي العزم من الرسل { وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا } أي فيها ما هو حسن وأحسن كالقصاص والعفو والانتصار والصبر ، فمرهم أن يأخذوا بما هو أدخل في الحسن وأكثر للثواب كقوله { واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم } [ الزمر : 55 ]

{ سَأُوْرِيكُمْ دَارَ الفاسقين } دَارَ فرعون وقومه وهي مصر ، ومنازل عاد وثمود والقرون المهلكة كيف أقفرت منهم لتعتبروا فلا تفسقوا مثل فسقهم فينكّل بكم مثل نكالهم أو جهنم